غزة: رمز العزة والصمود.. دروس في الإيمان والصبر من قلب المعاناة


الحمد لله ذي العزة والجلال، القوي المتين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

مقدمة: سُنّة الله في الأمم

الأمم والشعوب والأفراد يمرون بتقلبات الحياة، من قوة إلى ضعف، ومن عزة إلى ذلة، ومن أمن إلى خوف. هذه هي سنة الله في خلقه، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}. فالعزة والمنعة لا تدوم إلا لمن استقام على منهج الله، أما إذا انحرفوا، أذلهم الله ولو امتلكوا كل مقومات القوة المادية.

أبو الدرداء يبكي على حال الدنيا

يذكر أن أبا الدرداء رضي الله عنه بكى يوم فتحت قبرص وفرق بين أهلها، فسُئل عن سبب بكائه في يوم نصر للإسلام، فأجاب: "ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره! بينما هم أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".

دروس من التاريخ: اليهود مثالًا

لقد ذكر الله في كتابه حال اليهود، وكيف اصطفاهم على الأمم، وجعل فيهم الملك والنبوة، وآتاهم ما لم يؤت أحدًا من العالمين. ولكنهم كفروا وبدلوا وغيروا، وعصوا وتلطخت أيديهم بدماء الأنبياء، فأذلهم الله ولعنهم، وسلط عليهم على مر التاريخ من يسومهم سوء العذاب.

غزة: نبض العزة في زمن الذل

اليوم، نشهد صورة حية لهذا الذل والخوف الذي يلازم أعداء الله، حتى وإن امتلكوا القوة والسلاح. فما يحدث في فلسطين وغزة من إجرام وتدمير وقتل للأطفال والنساء، يكشف عن ذلهم وخوفهم وجبنهم.

ولكن، في المقابل، نرى عزة أهل غزة وصمودهم، وتمسكهم بأرضهم، وقوة إيمانهم وصبرهم رغم المعاناة. هذه العزة أذلت اليهود وأعوانهم، وعرتهم وفضحتهم أخلاقياً وسياسياً وإنسانياً.

  • ضربات المقاومة: رغم الحصار والدمار والتضييق والقتل، استطاعت المقاومة أن تجعل من الجيش الذي لا يقهر أضحوكة.
  • ثبات الشعب: صمودهم الأسطوري أمام الحصار التاريخي والتدمير الممنهج، هو دليل على عزة الإيمان وقوة اليقين.

كيف نطلب العزة من مصدرها؟

العزة خلق من أخلاق المؤمنين، وقد دعانا الله إلى التخلق به. فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

  • العزة في طاعة الله: يقول ابن كثير رحمه الله: "من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى".
  • العزة ليست تكبرًا: العزة ليست تكبرًا أو تفاخرًا، وليست بغيًا أو عدوانًا، وإنما هي الحفاظ على الكرامة والصيانة لما يجب أن يصان.

غزة: دروس في العقيدة والصبر

إن أهل غزة وفلسطين قد بيضوا وجوهنا، وقاموا بواجبهم تجاه أمة الإسلام، وسطروا أروع البطولات. لقد تعلمنا منهم:

  • العقيدة: تعلمنا منهم العقيدة الصحيحة والتوكل على الله.
  • الصبر: تعلمنا منهم الصبر واليقين والثبات.
  • التضحية: تعلمنا منهم سيرة الصحابة وتضحياتهم.

واجبنا تجاه غزة

إننا مقصرون في حقهم أفرادًا وجماعات ودول، وعلينا أن نتدارك هذا التقصير بشد أزرهم ودفع الظلم عنهم ومناصرتهم بكل ما نستطيع.

  • العودة إلى الله: علينا أن نخرج من حالة الضعف والهوان، وأن نطلب العزة من مصدرها الحقيقي، وهو الإيمان بالله والتوكل عليه.
  • فلسطين تبعث الأمل: مهما كانت المؤامرات على هذه الأمة، فإن فلسطين وغزة أحييت الآمال وبثت التفاؤل.

بشارة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، فقال: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك» ، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس».

دعاء

اللهم كن لأهلنا في القدس وغزة وفلسطين مؤيدًا ونصيرًا ومعينًا وظهيرًا. اللهم اجعل لهم من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل عسر يسرًا ومن كل بلاء عافية. اللهم عليك باليهود المعتدين ومن ناصرهم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *