فتنة الدجال: حقيقة مُرعبة وكيفية الحماية منها
الحمد لله، القاهر فوق عباده، المالك لرقاب خلقه، الحليم إذا عصوا، الذي أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا. أحمده سبحانه على لطفه وإن زلّت الأقدام، وأشكره على حلمه وإن كثرت الآثام. سبحانه وتعالى، لا يُدرك بكيف، ولا يُرى بعين، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. نحمدُه حمدًا يليق بجلاله، ونشكره شكرًا على جميل نواله، ونعوذ به من فتنة تُزلزل القلوب، وتذهل العقول، فتنة أعظم من أن يُستهان بها، وأخطر من أن يُغفل عنها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
الدجال: أعظم فتنة على وجه الأرض
حديثنا اليوم عن فتنة عظيمة، كارثة جسيمة، بل أعظم فتنة تطأ وجه الأرض منذ خلق آدم إلى قيام الساعة: فتنة الدجال. هذا الكذاب الأفّاك الذي يُفتن به السفهاء، ويزلّ بسببه الجهلاء، بينما يثبت عند لقائه الأولياء. يُعرف أيضًا باسم المسيح الدجال، أو مسيح الضلالة، وذلك لِما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. سمّي المسيح لأنه يُمسح الأرض، وقيل: لأنه ممسوح العين، والدجال لأنه كذاب. ورد ذكره في عدد هائل من الأحاديث النبوية، وهو من علامات الساعة الكبرى، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» (رواه مسلم).
صفات الدجال: وصف دقيق من النبي صلى الله عليه وسلم
جمعت الأحاديث النبوية الشريفة صفات الدجال، فهو رجل من بني آدم، ضخم الجثة، يخرج في آخر الزمان، يُفتن الناس بآياته وخوارقه. من أهم صفاته:
- مظهره: أحمر، قصير، أفحج (أعور)، جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى (أو اليسرى في بعض الروايات)، كأنها عنبة طافية، كثير الشعر ومتجعد.
- علامة مميزة: مكتوب بين عينيه كلمة "كافر"، يقرؤها كل مسلم كاتبًا كان أو غير كاتب.
- خصائصه: عقيم لا يُولد له. يُقال أنه موجود الآن، مقيد في جزيرة، ينطلق عند ظهور بعض العلامات، كذبول نخل بيسان، وانحسار ماء بحيرة طبريا، ونقصان ماء عين زغر.
علامات خروج الدجال ومكانه
- مكان خروجه: أشارت الأحاديث إلى خروجه من خراسان (منطقة في آسيا).
- أتباعه: يتبعه أعداد غفيرة من الناس، خاصةً من يهود أصبهان.
- مدينة خروجه: ينزل الدجال في سبخة مرقناة (موضع شرق المدينة المنورة)، وتكون النساء أكثر من يتبعونه.
- سرعته: يتحرك بسرعة عظيمة، كسرعة الغيث إذا استدبرته الريح.
- سلطانه: يستجيب له الجماد والحيوان.
- مدة بقائه: أربعة عشر شهرًا وأربعة عشر يومًا تقريبًا.
تحذيرات النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة الدجال
أكد النبي صلى الله عليه وسلم على خطورة فتنة الدجال، ووصفها بأنها أعظم فتنة على الإطلاق، وحذر الأمم من خلالها. من أقواله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن:
- "أيها الناس، إنها لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال".
- "إنّ الدجال يخرج من خلة بين الشام والعراق".
- "من أدركه فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف".
- "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال".
سبل الحماية من فتنة الدجال
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمّته إلى سبل الحماية من فتنة الدجال، أهمها:
- التمسك بالكتاب والسنة: الاستمساك بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
- الاعتصام بالله: التوكل على الله والاعتماد عليه.
- معرفة أسماء الله وصفاته: معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
- التعوذ بالله من فتنته: التعوذ بالله من فتنة الدجال، خاصة في الصلاة.
- حفظ فواتح سورة الكهف: حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف.
- الفرار منه والابتعاد عنه: الابتعاد عن الدجال والهروب منه.
نسأل الله تعالى أن يُحصّن قلوبنا وإيماننا، وأن يُجنّبنا شرور فتنة الدجال، وأن يُلهمنا الصواب والهداية. اللهم آمين.
اترك تعليقاً