في الآونة الأخيرة، انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي مقولة منسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، تتناول مسألة تفضيل بعض المسلمين لأهل الكتاب على أهل البدع من المسلمين. وقد استُخدمت هذه المقولة وكأنها سلاح قاطع في وجه المخالفين، مع أن فحواها يتعلق بمسألة دقيقة في الفقه المقارن بين الفرق الإسلامية وأهل الكتاب.
وفي المقابل، رأينا ردود أفعال مبالغة من بعض المتحمسين العاطفيين، الذين شنّعوا على من فرح بضرب دولة الولي الفقيه ومقتل قادتها، ووصل بهم الأمر إلى حد تكفير من يفرح بذلك، بحجة أن هذا الفرح يجعله بالضرورة في صف الأعداء ويشاركه معهم في الفرح! وهذا الإلزام بما لا يلزم هو جوهر المشكلة.
كما يحاول البعض الآخر إدخالك قسرًا في مقارنة بين تلك الدولة ودول أخرى، مطالبين بإبراز إنجازات دول أهل السنة في مواجهة الأعداء.
كل هذه الأطروحات تمثل نمطًا شائعًا من المغالطات الجدلية، وهو ما يُعرف بـ "الثنائيات المضللة". هذه الثنائيات تسعى إلى حصر المحاور بين خيارين فقط، متجاهلة وجود خيارات أخرى متعددة. وعندما يختار المحاور أحد الخيارين، يتم تصنيفه ظلمًا في المحور الآخر.
سأركز هنا على الرد على من استدل بمقولة شيخ الإسلام رحمه الله، مع الإعراض عن مقايسات أخرى. أقول باختصار:
- ليس كل من يعادي الرافضة يفضل بالضرورة اليهود والنصارى: فبعضهم أشد ضررًا من بعض. مع اعتقادي الراسخ بأن ضرر اليهود على البشرية أجمع أكبر، بينما ضرر الروافض على أهل السنة أشد وطأة.
- الاستدلال بفرح المؤمنين بنصر الروم على الفرس في سورة الروم حجة عليهم لا لهم: فوفقًا لمنطق الثنائيات، فإن هذا الفرح يستلزم أن الصحابة يحبون الروم ويوالونهم على شركهم وكفرهم!
جوهر المشكلة:
يكمن الخلل في عدم قدرة البعض على الجمع بين العداوتين. فلديهم اعتقاد خاطئ بأن عداوة طرف تستلزم محبة الطرف الآخر ونصرته.
ختامًا:
نسأل الله تعالى أن يضرب الظالمين بالظالمين، وأن ينتقم لعباده المظلومين.
اترك تعليقاً