فضائل النحر والتشريق: دليل شامل لأيام العيد المباركة

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيطيب لنا في هذه الأيام المباركة أن نتناول فضل النحر والتشريق، وأن نستلهم من هذه الشعائر عظيم معاني التقوى والإخلاص لله عز وجل.

يوم النحر: أعظم الأيام عند الله

يوم النحر، يوم عيد الأضحى المبارك، هو يوم عظيم القدر عند الله تعالى. إنه يوم إحياء سنة أبينا إبراهيم عليه السلام، حيث تراق الدماء قربة إلى الله، وتجسيدًا لمعاني الطاعة والتضحية.

  • فضل يوم النحر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر". (أخرجه أبو داود)
  • إحياء سنة إبراهيم: في هذا اليوم، نحيي سنة إبراهيم بذبح الأضاحي والقرابين، تعبيرًا عن الشكر لله والتقرب إليه.
  • التقوى هي المقصد: قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: 37]. فالأضحية ليست مجرد ذبح، بل هي تعبير عن التقوى والإخلاص.
  • البداية بالصلاة ثم النحر: عن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، من فعله فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء". (متفق عليه)

أيام التشريق: أيام ذكر وشكر

تلي يوم النحر أيام التشريق، وهي الأيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة. وهي أيام مباركة حث الله فيها على ذكره وشكره.

  • أيام معدودات: قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203].
  • أيام أكل وشرب وذكر: قال صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل". (أخرجه مسلم)
  • سبب التسمية: سميت بذلك لأن الناس كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا، أي يقددونها وينشرونها لتجف.
  • حرمة الصيام: لا يجوز صيام أيام التشريق إلا لمن لم يجد الهدي. فعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي". (رواه البخاري)

فضائل وأعمال مستحبة في أيام التشريق

هناك العديد من الأعمال المستحبة التي ينبغي للمسلم الحرص عليها في أيام التشريق:

  • التكبير المطلق والمقيد: يشرع التكبير المطلق في جميع الأوقات إلى آخر يوم من أيام التشريق، والتكبير المقيد بعد الصلوات، والذي يبدأ من فجر يوم عرفة، وينتهي عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
  • صيغة التكبير: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".
  • الدعاء: يستحب الإكثار من الدعاء، وخاصة الدعاء الذي ذكره الله عقب آيات الحج: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].
  • إظهار الفرح والسرور: أيام التشريق أيام إظهار الفرح والسرور، مقرونًا بشكر الله وحمده.

لنغتنم هذه الأيام المباركة

فلنحرص على اغتنام هذه الأيام المباركة بالذكر والشكر والدعاء، ولنتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ولنجعلها أيام فرح وسرور وطاعة.

اللهم ألهمنا رشدنا، وأعذنا من شر أنفسنا، يا ذا الجلال والإكرام.

أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

خاتمة

اتقوا الله عباد الله حق التقوى، وافرحوا بعيدكم بلا أشر ولا بطر، وصلوا أرحامكم وأحسنوا إلى جيرانكم، واذكروا الله وكبروه ومجدوه، وضحوا تقبل الله ضحاياكم، وتقربوا إلى مولاكم، واسألوه القبول.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، وسلم الحجاج والمعتمرين.

عباد الله اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *