قوانين مقاطعة إسرائيل في أمريكا: صراع بين حرية التعبير ودعم الحليف

قوانين مقاطعة إسرائيل في أمريكا: صراع بين حرية التعبير ودعم الحليف

مقدمة:

يشهد الكونغرس الأمريكي جدلاً محتدماً حول مشاريع القوانين التي تهدف إلى مكافحة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، حيث يتقاطع النقاش حول حرية التعبير مع الدعم الثابت لإسرائيل كحليف استراتيجي. هذا المقال يستعرض آخر التطورات في هذا الملف، مع التركيز على التحديات القانونية والسياسية التي تواجه هذه التشريعات، والانقسامات الحزبية التي تبرز في هذا السياق.

سحب مشروع قانون مثير للجدل:

في خطوة مفاجئة، اضطر النائب الديمقراطي جوش غوتهايمر إلى سحب مشروع قانون رقم 867، الذي كان يهدف إلى توسيع العقوبات على الداعمين لمقاطعة منتجات إسرائيل ليشمل المنظمات الدولية. هذا التراجع جاء بعد معارضة من شخصيات بارزة من التيار اليميني في الحزب الجمهوري، ما يسلط الضوء على تعقيدات هذا الملف.

حرية التعبير في مواجهة "معاداة السامية":

يكمن جوهر الخلاف في مشروع القانون في التضارب بين حرية التعبير، التي يكفلها التعديل الأول للدستور الأمريكي، وبين مكافحة ما يعتبره مؤيدو القانون "أفعالاً معادية للسامية"، بما في ذلك مقاطعة إسرائيل.

  • معارضو القانون: يرون أن التشريع يمثل انتهاكاً لحق الأمريكيين في التعبير عن آرائهم من خلال المقاطعة.
  • مؤيدو القانون: يعتبرون أن مقاطعة إسرائيل هي شكل من أشكال معاداة السامية ويجب التصدي لها.

حركة مقاطعة إسرائيل (BDS):

تسعى حركة "بي دي إس" إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وفضح ممارساتها العنصرية، ووقف كافة أشكال التطبيع معها. تدعو الحركة إلى مقاطعة الشركات والمؤسسات التي تدعم إسرائيل.

تفاصيل مشروع القانون المنسحب:

كان مشروع القانون المقترح يهدف إلى:

  • توسيع العقوبات المدنية على الداعمين لمقاطعة إسرائيل.
  • فرض غرامات جنائية تصل إلى مليون دولار والسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً على من يدعم دعوات المقاطعة.

انقسامات الكونغرس والاحتجاجات الطلابية:

تسببت الاحتجاجات المستمرة ضد إسرائيل، خاصة في الجامعات الأمريكية، في انقسام حاد بين أعضاء الكونغرس.

  • فريق يرى المقاطعة حقاً دستورياً: يعتبر أن الاحتجاجات والمقاطعة هي جزء من حرية التعبير ولا يجب تقييدها.
  • فريق يعتبر المقاطعة معادية للسامية: يرى أن هذه الاحتجاجات تمثل تهديداً للطلاب اليهود ويجب مكافحتها.

مواقف بارزة:

  • آنا بولينا لونا (نائبة جمهورية): "مشروع القانون يهدف للحد من معاداة السامية، لكنه يهدد حقوق التعديل الدستوري الأول. للأميركيين الحق في المقاطعة، والمعاقبة على ذلك تهدد حرية التعبير."
  • تشارلي كيرك (مؤثر محافظ): "سيجرم المقاطعة الخاصة لإسرائيل، ولن يؤدي إلا المزيد من معاداة السامية، ولعب دور في الروايات المتنامية بأن إسرائيل تدير الحكومة الأميركية."
  • مارجوري تايلور جرين (نائبة جمهورية): "وظيفتي هي الدفاع عن حقوق الأميركيين في شراء أو مقاطعة من يختارونه دون أن تفرض عليهم الحكومة غرامات قاسية أو تسجنهم."
  • منظمة أيباك (اللوبي اليهودي): "تدعم بقوة قانون مناهضة المقاطعة الذي يؤكد أن الولايات المتحدة لن تؤيد المقاطعة التي حرَّضت عليها الأمم المتحدة ضد حليفتنا إسرائيل."

تاريخ التشريعات المناهضة للمقاطعة:

يعود تاريخ القوانين المناهضة للمقاطعة إلى السبعينيات، حيث استهدفت في البداية مواجهة مقاطعة جامعة الدول العربية لإسرائيل. تم تمرير قيود إضافية في عام 2018 خلال فترة حكم ترامب.

القوانين على مستوى الولايات:

تبنت أكثر من 30 ولاية أمريكية قوانين تضيق الخناق على حركة مقاطعة إسرائيل، لكن لا يوجد قانون مماثل على المستوى الفدرالي حتى الآن.

الخلاصة:

يعكس الجدل الدائر حول قوانين مقاطعة إسرائيل في أمريكا صراعاً عميقاً بين قيم أساسية مثل حرية التعبير والدعم الثابت لإسرائيل كحليف استراتيجي. سحب مشروع القانون الأخير يظهر أن هذا الملف لا يزال يثير انقسامات حادة، وأن مستقبل التشريعات المناهضة للمقاطعة غير واضح في الوقت الحالي.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *