قوة الله فوق جبروت الطغاة والظالمين
إن الحديث عن قوة الله هو حديث عن القوة المطلقة التي لا تدانيها قوة، فهي القوة التي لا يحدها زمان ولا مكان، والتي هيمن بها الله سبحانه وتعالى على السموات والأرض. قوة الله هي التي أبدع بها الكون بما فيه من كواكب ومجرات وبحار وجبال، وهي القوة التي تحكم أدق التفاصيل في حياتنا، والتي لا يمكن أن تعترضها أي قوة بشرية مهما بلغ البشر من جبروت أو قوة.
عندما نتأمل في التاريخ، نجد أن هناك دوماً طغاةً ومستبدين يظنون أن قوتهم لا تُهزم، وأن ملكهم دائمٌ لا يزول. هؤلاء الطغاة يتجبرون على الناس، ويسخرون قواهم وقدراتهم لصنع أسلحة فتاكة، ويظنون أن هذه القوة هي التي ستمنحهم الخلود والسيطرة المطلقة. ولكنهم في الحقيقة غارقون في وهمٍ كبير، لأن قوة الإنسان، مهما عظمت، لا شيء أمام قوة الله تعالى، فهو القوي المتين الذي لا يعجزه شيء، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
مهما بلغ الطغاة من جبروت، قوة الله هي العليا
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” (الحج: 74). هذه الآية الكريمة تُذكرنا أن البشر مهما اجتهدوا في تقدير قوة الله، فإنهم لن يستطيعوا أن يدركوا مدى عظمته وقدرته. إن الطغاة والمستبدين على مر التاريخ، سواء كانوا فراعنة أو جبابرة أو ملوكًا متسلطين، اغتروا بقوتهم وظنوا أن سلطانهم سيدوم للأبد. غير أن التاريخ يشهد بأن كل طاغية ظن أنه لن يُهزم، سقط في نهاية المطاف، لأن قوة الله هي التي تحكم الكون، وهو القائل في محكم كتابه: “فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ” (العنكبوت: 40).
ولعلنا نتذكر قصص الأمم السابقة التي اغترت بقوتها، مثل قوم عاد وثمود، وقصة فرعون الذي قال: “أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى” (النازعات: 24). هؤلاء جميعًا ظنوا أن قوتهم البشرية ستحميهم من عقاب الله، ولكن الله أرسل عليهم عذابه من حيث لا يحتسبون، وأبادهم بقوته الجبارة، ليكونوا عبرةً لمن يأتي بعدهم.
أسلحة البشر لا شيء أمام قوة الله
في عصرنا الحالي، تتفاخر الدول بصنع الأسلحة الفتاكة، وتظن أن التفوق العسكري هو الضامن الوحيد لبقائها. تقوم الحكومات بتطوير أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية والطائرات الحربية ذات القدرات الهائلة، وكل هذه الأدوات تصب في ميزان القوة البشرية التي تعتمد عليها الدول في فرض سيطرتها ونفوذها. ولكن مهما بلغ البشر من التقدم في التكنولوجيا العسكرية، فإن هذه الأسلحة لا تساوي شيئًا أمام قوة الله.
الله سبحانه وتعالى هو القادر على إبطال مفعول أي سلاح، وهو القادر على حماية عباده المؤمنين من أي خطر يحيط بهم. نرى في القرآن الكريم العديد من الأمثلة على ذلك، ولعل أبرزها في غزوة بدر الكبرى، عندما نصر الله المسلمين القلة على جيوش الكفار المتفوقة عسكرياً. قال الله تعالى في هذا الشأن: “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ” (آل عمران: 123). هذه القوة الإلهية تتجلى دائمًا في اللحظات التي يظن فيها البشر أن النصر مستحيل، ولكن الله يثبت أن النصر بيده وحده.
الاحتلال الصهيوني والظلم في غزة ولبنان
من أبرز الأمثلة المعاصرة على الظلم والطغيان، هو ما تفعله دولة الاحتلال الصهيوني بإخواننا، وخصوصًا في غزة ولبنان. هذه الدولة المحتلة التي اغتصبت الأرض وشرّدت الشعب، تعتمد على قوتها العسكرية وعلى دعم الدول الكبرى لتثبيت وجودها في المنطقة. فهي تملك ترسانة هائلة من الأسلحة الفتاكة، وتستخدمها لقتل الأبرياء وتشريد الأطفال والنساء. ومع ذلك، فإن هذه القوة العسكرية الجبارة لا تمنحها الحق، ولا تجعل من ظلمها للناس أمرًا مقبولاً أمام الله.
إن دولة الاحتلال، ورغم كل تقدمها العسكري، ظالمة وزائلة، لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل الظلم، وقد وعد في كتابه الكريم بأن يأخذ الظالمين بأشد العذاب. يقول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ” (آل عمران: 57). مهما طالت أيام الظلم، فإن النصر في النهاية حليف المؤمنين، لأن الله هو الذي ينصر المستضعفين ويُقيم الحق. وقد شهدنا مراراً كيف أنه رغم حصار غزة، ورغم القصف والتدمير، فإن صمود أهلها وثباتهم هو بفضل قوة الله التي تحيط بهم وتحفظهم.
قوة الله هي العدل المطلق
الله سبحانه وتعالى هو القوي الجبار، وهو أيضاً العادل الذي لا يظلم أحدًا. فعندما يظلم الطغاة الناس، ويتجبرون في الأرض بغير حق، يأتي الله ليقتص من هؤلاء الظالمين. وكلما ازداد ظلمهم وطغيانهم، كلما اقتربت ساعة حسابهم، لأن الله لا يغفل ولا ينسى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا” (رواه مسلم). هذا هو الميزان الذي يحكم العالم، ميزان العدل الإلهي الذي لا يحابي أحدًا.
خاتمة: نهاية الظلم وزوال الطغاة
في النهاية، علينا أن نتذكر أن كل ظلم له نهاية، وكل طاغية له أجل. مهما بلغت قوة البشر وتقدمت صناعاتهم الحربية، فإنها لا تستطيع الوقوف أمام قوة الله سبحانه وتعالى. قوة الله هي التي تهيمن على الكون، وهي التي تُدمر الظالمين مهما علا شأنهم في الدنيا. ولنا في التاريخ عبرة، ولنا في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هداية، بأن النصر في النهاية لأهل الحق، وأن الله يمهل الظالمين لكنه لا يهملهم.
فمهما طال ليل الظلم، سيأتي فجر العدالة، وستعود الحقوق إلى أهلها، لأن الله هو الذي وعد وهو الذي لا يخلف الميعاد.
اترك تعليقاً