كلا إن معي ربي سيهدين – الثقة بالله

كلا إن معي ربي سيهدين – الثقة بالله

كلا إن معي ربي سيهدين

  • صور من حياة الأنبياء

القرآن الكريم كثيرًا ما يعطينا صورًا من حياة أناس عظماء، وهم أفضل البشر على وجه الأرض عبر التاريخ، إنهم الأنبياء والصالحون. هذه اللحظات التي يذكرها القرآن مليئة بالدروس التي يجب أن نتعلمها. نحن نتخذ من هؤلاء الأنبياء والصالحين أمثلة وقدوة لنا. ومن هذه اللحظات، لحظة مطاردة جيش فرعون لنبي الله موسى ومن معه من بني إسرائيل. كلنا نعرف هذه القصة التي ذكرها الله تعالى في كتابه، ولكن هل أخذنا منها الدروس والعبر؟ هل تعلمنا ما يجب أن نتعلمه؟ عزيزي القارئ، اسأل نفسك هذه الأسئلة وحاول الإجابة عنها بصدق.

  • كلا إن معي ربي سيهدين

لنعد إلى هذه القصة المحورية التي قلبت كل الموازين، وحولت حياة بني إسرائيل من العبودية إلى الحرية، ومن الضعف إلى القوة. كيف لا وبينهم نبي الله موسى عليه السلام، وهو الرسول الذي واجه أكبر طاغية على وجه الأرض، وهو كليم الله. موسى عليه السلام هو أكثر نبي ذكر اسمه في القرآن الكريم. لسنا هنا بصدد ذكر فضل هذا النبي العظيم ومناقبه، فالمجلدات لا تكفي لذلك. نحن هنا لنتحدث عن هذا الموقف الهام الذي يهمنا لنستخلص منه الدروس والعبر.

عندما أذن الله لنبيه موسى بالخروج من مصر ومعه المستضعفون الذين كان فرعون يذيقهم أشد العذاب، قال تعالى: “وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ”.

  • خروج نبي الله موسى عليه السلام وبني إسرائيل من مصر

خرج موسى مع أصحابه في الليل، قال الله تعالى: “فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ”. بعد خروجهم، حدث أمر أخافهم؛ فرعون اللعين علم بخروجهم وجهز جيشه للحاق بهم وإبادتهم. لكن كان هناك شخص عظيم لم يخف، بل وقف كالجبل الشامخ، ثابتًا لا يتزحزح. ماذا لديه ليملك كل هذه القوة؟

  • الخوف يسيطر على بني إسرائيل

بدأ القلق يسري في قلوب بني إسرائيل، وأيقنوا أنهم هالكون؛ فقد وصلوا إلى طريق مسدود. البحر أمامهم وفرعون خلفهم، إنه الهلاك لا محالة. قال تعالى: “فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”. كل طرف رأى الآخر، فجيش فرعون رأى بني إسرائيل، وبني إسرائيل رأوا جيش فرعون. عند هذه اللحظة الحرجة، قال بنو إسرائيل: “إن جيش فرعون سيدركنا لا محالة”.

  • تخيل هذا الموقف الشديد

عزيزي القارئ، تخيل لو كنت في هذا الموقف، ماذا كنت ستفعل؟

كنت أسأل طلابي قبل أن أقص عليهم هذه القصة: تخيلوا لو أن جيشًا عظيمًا يطاردنا، ماذا كنتم فاعلين؟

فيقول أحدهم: نقاتل حتى النهاية.
ويقول آخر: نهرب.

ثم أسألهم: ماذا لو وصلنا لطريق مسدود؟

أحدهم أجاب: ندعو الله تعالى أن ينجينا.
وهذا هو الجواب الذي كنت أريده.

في هذه اللحظة الحاسمة، ماذا قال نبي الله موسى؟

  • الثقة بالله: قال كلا إن معي ربي سيهدين

في مثل هذه المواقف يظهر الرجال. لن تعرف معادن الرجال بالحديث معهم فقط، بل تعرفهم في المواقف الحرجة والابتلاءات. نعود إلى الآية الكريمة: “فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”.

حينها قال موسى كلمة تهتز لها الجبال، كلمة تبين الثقة الكبيرة بالله وبنصره: “كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”.

لم يقل موسى “كلا” لأنه يملك قوة أو سلاحًا، بل قال: “كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”. نعم، إنه الله. كيف يخاف من لديه الله تعالى بقوته وهو مالك الكون؟

وهذه المقولة تذكرني بمقولة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لأبي بكر الصديق وهما في الغار: “لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *