كنوز من التدبر: وقفات إيمانية مستوحاة من آيات القرآن الكريم
ضعف الإنسان وحاجته إلى الله يوم القيامة
تأمل في قوله تعالى: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: 10]. هذه الآية تذكرنا بحقيقة أساسية: ضعف الإنسان المطلق يوم القيامة. في ذلك اليوم العصيب، يتجلى عجزنا التام، فلا نملك قوة ذاتية تدفع عنا العذاب، ولا نجد ناصراً أو معيناً من الخارج ينقذنا.
- القوة الذاتية: تشير إلى قدرة الإنسان الشخصية ووسائله الخاصة.
- الناصر: يمثل الدعم والعون الذي قد يتلقاه من الآخرين.
غياب هذين الأمرين يؤكد على أن الإنسان في ذلك اليوم في أمس الحاجة إلى رحمة الله وعفوه، وأن النجاة لا تكون إلا بفضله وكرمه.
الموت عظة: استثمار العمر في العمل الصالح
قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 1-2]، فيه تذكير بمسألة الموت. إن هذه الآية بمثابة وعظ بليغ، يذكرنا بأن الموت مصير محتوم ينتظرنا جميعاً. فبدلاً من الانشغال بالتكاثر والتفاخر، ينبغي علينا أن نستعد لهذه اللحظة الفاصلة بتقديم الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت.
- العمل الصالح: يشمل الإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباده.
- الغاية: أن نترك أثراً طيباً ينفعنا في الآخرة.
العاقل هو من يستثمر عمره القصير في طاعة الله، ويسعى إلى نيل رضاه، حتى يجد ثمرة عمله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
لا تحقرن من المعروف شيئاً: أهمية العمل الصالح مهما صغر
في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]، دلالة واضحة على أهمية العمل الصالح مهما صغر حجمه. فالآية تحثنا على عدم الاستهانة بأي عمل خير نقوم به، مهما بدا بسيطاً أو غير مهم.
- مثقال ذرة: تعبير عن أصغر وزن ممكن تصوره.
- المعنى: حتى العمل الصالح اليسير له قيمته وأجره عند الله.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى بقوله: «لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة». هذا الحديث الشريف يؤكد على أهمية التصدق والإهداء ولو بالشيء القليل، فالمهم هو النية الصادقة والرغبة في الخير.
الإخلاص لله: أساس قبول العمل
قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]، فيه توجيه عظيم إلى إخلاص النية لله تعالى في جميع الأعمال. يجب أن تكون نيتنا خالصة لله في كل ما نفعله، سواء كانت عبادات أو عادات.
- العبادات: يجب أن نؤديها ابتغاء مرضاة الله والأجر الأخروي.
- العادات: يجب أن ننوي بها التقوي على طاعة الله.
فإخلاص النية هو أساس قبول العمل، وهو الذي يضفي عليه البركة والخير. والآية ترغبنا في أن نجعل الله تعالى هو وجهتنا في كل أعمالنا، وأن نسعى إلى نيل رضاه في كل لحظة من حياتنا.
اترك تعليقاً