#
مقدمة: عبادة الشكر.. كنز دفين بين أيدينا
في خضم الحياة وضغوطها، قد نغفل عن كنز عظيم، وعبادة جليلة لو أدركنا قيمتها لسعينا إليها بكل جوارحنا. إنها عبادة الشكر، التي تزيد النعم وتدفع النقم، ولا تتطلب جهدًا كبيرًا، ولكنها تزرع السعادة وترضي الرحمن.
الشكر.. فضيلة الأقلية المؤمنة
إنّ من المحزن حقًا أن نرى عدد الشاكرين قليلًا، رغم كثرة الآيات التي تحث عليه، والفضل العظيم الذي وعد الله به الشاكرين. أليس هذا دافعًا لنا لمراجعة أنفسنا والسعي لنكون من هذه القلة المباركة؟
أوامر إلهية بالشكر.. لماذا؟
لقد أمرنا الله تعالى بالشكر في آيات كثيرة، وطلب منا أن نقابل نعمه بالشكر والاعتراف بالفضل. والله لا يأمر بشيء إلا وهو يحبه ويرضاه، ففي الشكر رضا الرحمن، وزيادة الإحسان.
الأنبياء.. قدوة الشاكرين
لقد كان الأنبياء والرسل، صفوة الخلق، مثالًا حيًا للشكر. فإبراهيم عليه السلام كان شاكرًا لأنعمه، فاجتباه الله وهداه إلى صراط مستقيم. ونوح عليه السلام وصفه الله بأنه "عبدًا شكورًا".
الشاكر والشكور.. أسماء الله الحسنى تحثنا على الشكر
تأمل معي كيف اشتق الله تعالى من هذه العبادة اسمين كريمين له، ليحثنا على شكره: الشاكر والشكور. والشكور أبلغ من الشاكر، فهي صيغة مبالغة تدل على كثرة الشكر. ومعنى هذين الاسمين أن الله يقبل من عباده اليسير من العمل، ويعطي الجزيل من النعم، ويعفو عن الكثير من الذنوب والزلل.
كيف نكون من الشاكرين حقًا؟
لكي نكون من الشاكرين حقًا، يجب أن يظهر الشكر على ثلاثة مستويات:
- اللسان: بالثناء على الله والاعتراف بفضله ونعمه.
- القلب: بالشعور بالامتنان والمحبة لله.
- الجوارح: بالانقياد والطاعة لأوامره وتجنب نواهيه.
الشكر العملي.. كيف نترجم الشكر إلى أفعال؟
شكر المال يكون بإخراج الزكاة وإنفاقه في وجوه الخير. وشكر نعمة الصحة يكون باستخدامها في طاعة الله. وشكر العلم يكون بنشره وتعليم الناس. وهكذا في كل نعمة أنعم الله بها علينا.
وعد الله للشاكرين.. زيادة النعم والجزاء الحسن
لقد وعد الله الشاكرين بزيادة النعم والجزاء الحسن، فقال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
نماذج من شكر الأنبياء.. قدوة حسنة
كان شكر الأنبياء العملي يظهر في قيام الليل وصوم النافلة. فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فلما سُئل عن ذلك قال: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا».
دعاء الشكر.. سلاح المؤمن
لا تنسَ أن تسأل الله الإعانة على شكره، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا دعاءً يقوله بعد كل صلاة: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
خاتمة: انطلق نحو حياة ملؤها الشكر والسعادة
اجعل الشكر منهج حياة، وتذوق حلاوة الإيمان، واستشعر بركة النعم، وانطلق نحو حياة ملؤها السعادة والرضا. فكن شاكرًا تكن سعيدًا.
اترك تعليقاً