كيف يختبئ السرطان: آلية ذكية للانتشار ومقاومة العلاج

كيف يختبئ السرطان: آلية ذكية للانتشار ومقاومة العلاج

مقدمة: كشف أسرار انتشار السرطان وتطوره

لطالما شكل انتشار السرطان من عضو إلى آخر تحديًا كبيرًا في علاجه. دراسة أمريكية حديثة ألقت الضوء على الآليات المعقدة التي يستخدمها السرطان للتخفي من الجهاز المناعي ومقاومة العلاجات، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير استراتيجيات علاجية أكثر فعالية.

السرطان في رحلة الانتشار: تكتيكات التخفي الذكية

عندما ينتقل السرطان من موقعه الأصلي إلى أعضاء أخرى، فإنه لا يهاجر ببساطة. بل يتخذ احتياطات دقيقة لحماية نفسه من هجوم الجهاز المناعي. هذه الاحتياطات تجعله أيضًا أقل عرضة للأدوية المناعية، مما يعقد عملية العلاج.

تفاصيل الدراسة: نظرة عميقة إلى الأنماط الجينية للسرطان

أجرى باحثون من كلية طب وايل كورنيل ومركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان دراسة شاملة نشرت في مجلة "Nature Genetics". قاموا بتحليل الأنماط الجينية لأكثر من 3700 مريض سرطان، مع التركيز على مقارنة الأورام الأولية والنقائل (الأورام الثانوية المنتشرة).

الطفرات وتغيرات عدد النسخ: آليات التغير الجيني

تتغير الجينات بطرق مختلفة، بما في ذلك:

  • الطفرات: تغييرات صغيرة في تسلسل الحمض النووي (DNA)، تشبه الأخطاء المطبعية، يمكن أن تؤثر على وظيفة الجين.
  • تغيرات عدد النسخ: تغييرات واسعة النطاق تشمل تكرار أو حذف أجزاء كبيرة من المادة الوراثية.

نتائج الدراسة: تغيرات عدد النسخ تلعب دورًا حاسمًا في الانتشار

أظهرت الدراسة أن الأورام تتطور بمرور الوقت، وأن النقائل تميل إلى تراكم تغيرات في عدد النسخ أكثر من الطفرات. بالإضافة إلى ذلك، تبين أن مضاعفة الجينوم (تضاعف مجموعة الكروموسومات بأكملها) يلعب دورًا مهمًا في عملية الانتشار.

مضاعفة الجينوم: استراتيجية بقاء ذكية للخلايا السرطانية

تقول الدكتورة كارينا تشاو، الباحثة الرئيسية في الدراسة: "وجدنا أن مضاعفة الجينوم الكامل كانت الحدث الجيني الأكثر شيوعًا أثناء انتقال المرض، فقد حدثت لدى ما يقرب من ثلث المرضى".

تفسر الدكتورة تشو أن مضاعفة الجينوم تسمح للخلايا السرطانية بـ "تأمين رهاناتها" من خلال إنشاء نسخ إضافية من الجينات. هذا يسمح لها بتحوير أو حذف نسخة واحدة مع الحفاظ على نسخة أخرى سليمة، مما يعزز قدرتها على التكيف والبقاء ومقاومة العلاجات.

تغيرات عدد النسخ مقابل الطفرات: تأثيرات مختلفة على الاستجابة المناعية

على عكس الطفرات، التي يمكن أن تجعل الأورام أكثر وضوحًا للجهاز المناعي، فإن تغيرات عدد النسخ تجعل الأورام أكثر مقاومة. التغييرات في تسلسلات الحمض النووي الناتجة عن الطفرات يمكن أن تؤدي إلى إنتاج بروتينات غير طبيعية يتعرف عليها الجهاز المناعي كتهديد.

الخلاصة: استهداف عدم الاستقرار الجيني لمكافحة السرطان النقيلي

أكد الدكتور باندلامودي أن الخلايا السرطانية تميل إلى تعظيم تغيرات عدد النسخ أثناء الانتشار مع تقليل الطفرات التي قد تحفز استجابة مناعية.

يشير الباحثون إلى أن الاستراتيجيات الحديثة، مثل العلاجات التي تستهدف عدم الاستقرار الجيني في هذه الخلايا المتغيرة أو تغيير البيئة الدقيقة للورم، قد تكون حاسمة لخلق استجابات دائمة في السرطان النقيلي. هذه النتائج تفتح الباب أمام تطوير علاجات أكثر فعالية تستهدف الآليات التي يستخدمها السرطان للتخفي والانتشار.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *