مأوى الكافرين النار: تفسير آية (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب)

مأوى الكافرين النار: تفسير آية (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب)

مأوى الكافرين النار: تفسير آية (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب)

تتناول هذه المقالة تفسيرًا تفصيليًا لآية كريمة من سورة آل عمران: "سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين" (آل عمران: 151). سنستعرض الآية كلمة بكلمة، ونحلل دلالاتها اللغوية والبيانية، ثم نستعرض الحكم المتعلقة بها.

تحليل الآية الكريمة:

"سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب"

  • "سنلقي": تدلّ هذه الكلمة على الفعل المُستقبلي القريب والتحقيق. استخدام صيغة الجمع "سنلقي" لله عز وجلّ يُشير إلى عظمته وجلاله، وليس إلى تعدد، كما بيّن العلماء. وقد استخدمت هذه الصيغة في آيات أخرى، كقوله تعالى: "إذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" (الأنفال: 12). وقد فسّر بعض العلماء استخدام صيغة الجمع بالإشارة إلى جنوده العظيمة.

  • "في قلوب الذين كفروا": يُلاحظ تقديم "الذين كفروا" على المفعول به "الرعب"، وهذا للتأكيد على محلّ الإلقاء وهو القلوب، قبل ذكر الحال وهو الرعب.

  • "الرعب": هو أشدّ أنواع الخوف، وهو شعور قويّ بالفزع والاضطراب يملأ القلب. يُشبهه بعض المفسرين بسيل عارم يملأ الوادي ويضطربه.

أسباب إلقاء الرعب في قلوب الكافرين:

يربط الله سبحانه وتعالى إلقاء الرعب في قلوب الكافرين بـ"ما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطان". ويمكن تناول هذه السببية من وجهتين:

  1. معاندة الله وإشراكه: إشراك الكافرين لله سبحانه وتعالى بآلهة أخرى هو تحدٍّ صريح لإرادة الله وعصيان لأمره. هذا العناد يُعدّ سببًا رئيسيًا لإلقاء الرعب في قلوبهم، لأن الله ينصر الخير على الشر، ويُعاقب من يعصيه.

  2. اضطراب النفس بسبب الشرك: يُسبب الشرك اضطرابًا نفسيًا عميقًا لدى الكافرين. فهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر، ويعيشون في حالة من الوهم والخوف الدائم من المجهول. هذا الاضطراب النفسي هو نفسه مصدر الرعب الذي يُلقيه الله في قلوبهم.

"مأواهم النار وبئس مثوى الظالمين"

تُختم الآية الكريمة ببيان عاقبة الكافرين في الآخرة: "مأواهم النار وبئس مثوى الظالمين". وهذا التهديد ليس مجرد وعيد، بل هو حقيقة واقعة، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى النار في صلاته، ووصف عذابها. وصف "الظالمين" يُشير إلى أن عقابهم هو جزاءٌ عادلٌ لظلمهم لأنفسهم وللآخرين، وإشراكهم لله هو في حد ذاته ظلم عظيم.

هل إلقاء الرعب في قلوب الكافرين سنةٌ دائمة؟

ليس إلقاء الرعب في قلوب الكافرين سنةً دائمةً، بل هو مرتبطٌ بحال المؤمنين. إذا ضعف المؤمنون وذلّوا، ووالوا الكافرين على المؤمنين، فإن الله يُزيل المهابة عنهم، ويُلقِي الرعب في قلوبهم. هذا ما بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وذلك كما جاء في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الرعد: 11).

الخاتمة:

تُعدّ آية "سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب" آيةً عظيمةً ذات دلالاتٍ عميقة، تُحذر من شرّ الشرك وتُبيّن عاقبته في الدنيا والآخرة. كما تُبرز أهمية قوة الإيمان والتوكل على الله في مواجهة الأعداء، وأنّ نصر الله للمؤمنين مرتبطٌ بحالهم وسلوكهم.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *