مقدمة
الشيطان عدو لدود للإنسان، لا يكل ولا يمل في سعيه لإضلاله وإبعاده عن طريق الحق. فهو ينتقل من وسيلة إلى أخرى، ومن حيلة إلى أخرى، ليوقع المسلم في حبائله. فإذا يئس من إغوائه بطريقة معينة، انتقل إلى طريقة أخرى أكثر دهاءً وخبثًا. لنستعرض معًا بعضًا من هذه المكائد وكيف يمكن للمسلم أن يحصن نفسه منها.
المكيدة الأولى: الكفر تحت ستار العقلانية
يبدأ الشيطان محاولاته بإغواء المسلم بالكفر بالله واليوم الآخر، مستغلًا ما قد يبدو له من "عقلانية" أو "تحرر فكري". يحاول أن يزرع الشك في قلب المؤمن حول وجود الخالق العظيم، ضاربًا عرض الحائط بكل الأدلة والبراهين القاطعة التي تشهد على وجوده ووحدانيته في كل ذرة من ذرات الكون.
- كيف نواجه هذه المكيدة؟ بالتمسك بالإيمان الراسخ، والتدبر في آيات الله، والتفكر في عظمة خلقه، واللجوء إلى العلم النافع الذي يؤكد وجود الخالق، لا ينفيه.
المكيدة الثانية: العلمنة وفصل الدين عن الحياة
إذا فشل الشيطان في إقناع المسلم بالكفر الصريح، فإنه ينتقل إلى خطة بديلة وهي إقناعه بالعلمانية. وهي فكرة تقوم على فصل الدين عن الحياة العامة، بحيث يبقى الدين مجرد علاقة فردية بين العبد وربه، ولا يتدخل في شؤون الدولة والمجتمع.
- كيف نواجه هذه المكيدة؟ بإدراك أن الإسلام دين شامل كامل، يغطي جميع جوانب الحياة، ولا يقتصر على العبادات والشعائر. يجب أن ندرك أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو السبيل الوحيد لتحقيق العدل والمساواة والرخاء في المجتمع.
المكيدة الثالثة: تحريف الشريعة والتساهل في الدين
إذا لم ينجح الشيطان في إقناع المسلم بالعلمانية، فإنه يحاول أن يوقعه في فخ تحريف الشريعة والتساهل في الدين. وذلك عن طريق تزيين الباطل وتشويه الحق، وتفسير النصوص الشرعية بما يوافق أهواء الناس ورغباتهم، حتى لا يبقى من الدين إلا قشورًا خاوية.
- كيف نواجه هذه المكيدة؟ بالتمسك بالكتاب والسنة، والرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم، والحرص على فهم الدين فهمًا صحيحًا بعيدًا عن الأهواء والتحريف.
المكيدة الرابعة: التدين الفردي والانعزال عن المجتمع
عندما يعجز الشيطان عن إقناع المسلم بتحريف الدين، فإنه يحاول أن يجعله متدينًا فرديًا منعزلًا عن المجتمع. بحيث يقتصر تدينه على أداء العبادات في المسجد أو في البيت، ولا يشارك في إصلاح المجتمع أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- كيف نواجه هذه المكيدة؟ بالانخراط في العمل الاجتماعي، والمشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والعمل على إصلاح المجتمع وتغيير المنكرات.
المكيدة الخامسة: التخويف من التغيير والإصلاح
إذا تحرك قلب المسلم لإصلاح الأرض، ذكّره الشيطان بقول السابقين الذين تخوفوا من التغيير وتمسكوا بالواقع الفاسد: {إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}. يحاول أن يثبط عزيمته ويخوفه من عواقب الإصلاح والتغيير.
- كيف نواجه هذه المكيدة؟ بالتوكل على الله، والثقة بنصره وتأييده، وعدم الخوف من أحد إلا الله، والإيمان بأن النصر مع الصبر، وأن العاقبة للمتقين.
خاتمة
إن مكر الشيطان لا ينقطع بالعبد حتى تفارق الروح جسده. فإذا رد العبد صفقة خاسرة، بادره الشيطان بأخرى أخفى حتى لا يفلت من حصار الفتنة. لذا، يجب على المسلم أن يكون دائم الحذر واليقظة، وأن يستعين بالله تعالى في كل لحظة، وأن يسأله الثبات على الحق حتى الممات. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اترك تعليقاً