صدر حديثًا الديوان التاسع للشاعر الفلسطيني نجوان درويش، "لكني كتبت الأشجار بالخطأ"، عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت و"دار الفيل" في القدس، ليضيف لبنة جديدة إلى صرحه الشعري المتميز. يأتي هذا الديوان بعد سلسلة من الأعمال اللافتة التي نشرت في السنوات الأخيرة، مؤكدًا مكانة درويش كصوت شعري عربي بارز.
رحلة شعرية عبر فصول الديوان
يضم الديوان، الذي يقع في 168 صفحة من القطع المتوسط، 112 قصيدة موزعة على سبعة فصول، يحمل كل منها عنوانًا يعكس جانبًا من التجربة الشعرية التي يقدمها درويش:
- تعب من المشي في البرزخ: فصل يفتتح الديوان بمشهد بحري لحيفا المحتلة، مستشرفًا جمالًا لا يعرف عمرًا.
- لا أحد يركب الليلة إلى نجران: تتنقل فيه المشاهد الشعرية بين المنفى العراقي، وقصف اليمن، وذاكرة شاميي مصر، في حركة أفقية وعمودية.
- دفوف تجيء من البعيد: فصل يستكشف الشاعر فيه علاقته بالطبيعة، وتحديدًا بالأشجار، في ظل الاحتلال.
- ولسنا متأكدين حتى من أنها سفينة: يضم هذا الفصل مجموعة من القصائد الشخصية القصيرة التي تشبه "التوقيعات".
- أخاطبكم كزملاء سابقين: يتميز هذا الفصل بتجاور الموروثات الثقافية وقرب الشاعر من النص القرآني والإنجيلي في مقاربة معاصرة.
- ترك أثرا في الرمال: يتضمن هذا الفصل 28 قصيدة متنوعة في مواضيعها وتنقلاتها الزمانية والمكانية.
- في يدي آخر قناع وسأرتديه: الفصل الختامي الذي يضم خمس قصائد تتناول مواضيع الضياع، الهوية، والوطن.
فلسطين في قلب القصيدة
يستمر درويش في هذا الديوان في استكشاف القضية الفلسطينية، ولكن بأسلوب شعري فريد. فهو لا يكتفي بتصوير الواقع الاستعماري، بل يسعى إلى تحرير المكان والمخيلة بأدوات الشعر. تعتبر فلسطين، من نهرها إلى بحرها، أرضًا عربية محتلة، وتستند، رغم كل ما يجري اليوم، على إرث ممتد من المقاومة والتحرر.
الشعر كمرافعة جمالية
تتمثل وظيفة الشعر في هذا الديوان، كما في أعمال نجوان درويش السابقة، في تحرير المكان والمخيلة بأدوات الشعر. يبدو الشاعر وكأنه مؤرخ آخر يقدم مرافعته الجمالية في مواجهة العنف الاستعماري وأكاذيبه وجميع أشكال الهيمنة والاستبداد.
إرث شعري متراكم
يُذكر أن نجوان درويش شاعر من مواليد مدينة القدس، وله العديد من الأعمال الشعرية المتميزة، منها: "سأقف يوما" (2012)، و"فبركة" (2013)، و"لست شاعرا في غرناطة" (2018)، و"كلما اقتربت من عاصفة" (2018)، و"تعب المعلقون" (2018)، و"استيقظنا مرة في الجنة" (2020)، و"كرسي على سور عكا" (2021). ترجمت مجموعة من دواوينه إلى أكثر من 20 لغة وحققت إشادة نقدية واسعة.
تقدير عالمي متزايد
يواصل نجوان درويش حصد التقدير العالمي، حيث وصل كتابه الأخير باللغة الإنجليزية، "لا أحد يعرفك غدا.. مختارات شعرية 2014-2024"، إلى القائمة النهائية لجائزة "أفضل كتاب شعري مترجم" إلى الإنجليزية التي تمنحها مؤسسة "بي إي إن" الأميركية، وإلى القائمة النهائية لجائزة Big Other Book Award. وصفته جريدة "نيويورك تايمز" الأميركية بأنه "رؤية صادقة ومجردة للحرب وارتداداتها: الخوف والرعب والاجتثاث والمنفى".
وقد نال درويش تكريمات وجوائز عالمية عديدة، من أبرزها: "الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي" في فرنسا عام 2024، و"جائزة تشيلنتو الدولية للشعر" في إيطاليا عام 2023، و"جائزة سارة ماغواير" في بريطانيا 2022.
بإصداره ديوان "لكني كتبت الأشجار بالخطأ"، يؤكد نجوان درويش مكانته كصوت شعري فلسطيني وعربي مهم، يساهم في إثراء المشهد الأدبي وتقديم رؤية فريدة للعالم من حولنا.
اترك تعليقاً