نور القرآن: سبيل السلام والهداية
يُنزل الله – عز وجل – القرآن الكريم كتابًا مبينًا، هدىً ورحمة للعالمين، وسبيلًا للسلام. ففي زمنٍ تتزايد فيه الصراعات وتتوالى فيه المحن، يجد المسلم في تدبر كلام الله عزاءً وهدايةً، وذلك كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: 40].
اليأس والرجوع إلى نور القرآن
قد يشعر المسلم أحيانًا بالإحباط واليأس إزاء ما يشهده العالم من ظلم وعدوان، متسائلاً عن مصير البشرية. لكن العودة إلى كتاب الله، وتدبر آياته، تُعيد إليه السكينة والطمأنينة. فالله – سبحانه وتعالى – هو خالق الكون ومُدبر أمره، كما جاء في سورة الأعراف:
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]
كل ما يحدث مقدرٌ من الله، وهو اختبارٌ لكل إنسان. وهذا ما يؤكده قول إبراهيم عليه السلام:
﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: 80]
وكذلك قول شعيب عليه السلام:
﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ [الأعراف: 89]
القرآن: نور يهدي إلى سبل السلام
رغم اليأس الذي قد يُصيب البعض، يبقى هناك أملٌ في صحوة القلوب وعودةٍ إلى نور القرآن، الذي يجمع القلوب ويهدي البشرية من الظلمات إلى النور، كما جاء في سورة المائدة:
﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16]
القرآن نورٌ يملأ القلوب والحيات، ينير الدروب ويُزيل الغموض. هذا النور يهدي إلى "سبل السلام": سلام الفرد، وسلام المجتمع، وسلام العالم أجمع، سلام مع النفس ومع الآخرين ومع الله. هذا السلام لا يُوجد إلا في الإسلام، في منهجه وشريعته.
اتباع رضوان الله وهداية القرآن
القرآن الكريم يهدي من اتبع رضوان الله، كما جاء في قوله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة: 16]. الصحاب الكرام تلقوا هذا الدين مباشرة من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وآمنوا به وعملوا به، كما جاء في سورة الأعراف:
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: 158]
كتاب الله واضحٌ لمن اتخذه منهجًا في حياته، وهو السبيل إلى الصراط المستقيم، الذي لا يهدي إليه منهجٌ آخر.
خاتمة: رحمة الله وهدايته
صدق الله العظيم، الذي لا يُؤثر في قدرته شيءٌ من هدى عباده أو ضلالهم، ولكنه بهم رحيم. ففي القرآن الكريم نورٌ وهدايةٌ، وسبيلٌ للسلام، لمن آمن وتدبر.
اترك تعليقاً