هاجر: قصة يقين وأمل في وادي مكة.. رحلة إيمانية ملهمة**


هاجر: قصة يقين وأمل في وادي مكة.. رحلة إيمانية ملهمة

مقدمة: هاجر.. رمز الصبر والتوكل

تعتبر قصة هاجر أم إسماعيل، عليها السلام، من أعظم القصص الإيمانية التي تجسد معاني الصبر والتوكل على الله في أحلك الظروف. إنها رحلة إيمانية ملهمة، بدأت بتركها في وادٍ قاحل وانتهت بتفجير زمزم وبناء بيت الله الحرام. دعونا نتعمق في هذه القصة العظيمة ونستلهم منها الدروس والعبر.

قصة هاجر: بداية الرحلة في وادٍ غير ذي زرع

يروي لنا ابن عباس رضي الله عنهما تفاصيل هذه القصة العظيمة، حيث جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل وابنهما الرضيع إلى مكة، في وقت لم يكن فيها أحد ولا ماء. ترك إبراهيم هاجر وإسماعيل عند البيت، بالقرب من زمزم، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم انطلق عائدًا.

لحظة الوداع والتسليم المطلق

تبعت هاجر إبراهيم وهي تسأله: "يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟" كررت سؤالها مرارًا، لكن إبراهيم لم يلتفت إليها. وعندما سألته: "آلله أمرك بهذا؟" أجاب: "نعم." فكان رد هاجر المؤمنة: "إذًا لا يضيعنا." ثم عادت إلى مكانها، بينما انطلق إبراهيم حتى ابتعد، ثم رفع يديه بالدعاء: "{رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ {يشكرون}."

العطش والسعي بين الصفا والمروة: لحظات اختبار الإيمان

بدأت هاجر ترضع إسماعيل وتشرب من الماء الذي تركه إبراهيم، حتى نفد الماء وعطشت هي وابنها. رأت إسماعيل يتلوى من العطش، فانطلقت تبحث عن الماء، وصعدت إلى جبل الصفا، وهو أقرب جبل إليها، ونظرت في الوادي، فلم تر أحدًا.

السعي بين الصفا والمروة: رمز التضرع والبحث عن الفرج

نزلت هاجر من الصفا وسعت في الوادي سعيًا شديدًا، ثم صعدت إلى جبل المروة، ونظرت فلم تر أحدًا. فعلت ذلك سبع مرات، وهذا السعي أصبح سنة متبعة للمسلمين في الحج والعمرة.

تفجير زمزم: مكافأة الصبر واليقين

عندما أشرفت هاجر على المروة في المرة الأخيرة، سمعت صوتًا، فتسمعت، فسمعت الصوت مرة أخرى. فقالت: "قد أسمعت إن كان عندك غواث." فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فضرب الأرض بعقبه أو بجناحه، فانفجر الماء.

زمزم: معجزة إلهية ورزق من السماء

جعلت هاجر تحوض الماء وتقول بيدها هكذا، وتغرف من الماء في سقائها، والماء يفور بعد ما تغرف. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم – أو قال لو لم تغرف من الماء- لكانت زمزم عينًا معينًا." شربت هاجر وأرضعت ولدها، وقال لها الملك: "لا تخافوا الضَّيْعَةَ فإن هاهنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله."

بناء البيت الحرام: تحقيق الوعد الإلهي

بعد سنوات، جاء إبراهيم إلى إسماعيل بعدما كبر وتزوج. قال إبراهيم لإسماعيل: "يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر." قال إسماعيل: "فاصنع ما أمرك ربك." قال إبراهيم: "وتعينني؟" قال إسماعيل: "وأعينك." قال إبراهيم: "فإن الله أمرني أن أبني بيتًا هاهنا." وأشار إلى أكمة مرتفعة.

التعاون على البر والتقوى: بناء بيت الله

بدأ إبراهيم وإسماعيل في بناء البيت، فكان إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء، جاء إبراهيم بحجر فوضعه ليقوم عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: "{ربنا تَقَبَّلْ منا إنك أنت السميع العليم}."

خاتمة: دروس وعبر من قصة هاجر

قصة هاجر مليئة بالدروس والعبر، منها:

  • اليقين بالله والتوكل عليه: حتى في أحلك الظروف، كانت هاجر واثقة بأن الله لن يضيعها.
  • الصبر والثبات: لم تستسلم هاجر لليأس، بل سعت جاهدة للبحث عن الماء.
  • الاستجابة لأمر الله: سلمت هاجر أمرها لله عندما علمت أن إبراهيم مأمور بتركها.
  • أهمية الدعاء: دعاء إبراهيم واستجابة الله له دليل على أهمية الدعاء في حياة المسلم.
  • التعاون على البر والتقوى: بناء البيت الحرام كان نتيجة تعاون إبراهيم وإسماعيل.

إن قصة هاجر تظل نبراسًا يضيء لنا طريق الإيمان والتوكل على الله في كل زمان ومكان.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *