واجبات ولي أمر المرأة في الإسلام: دليل شامل
يُعدّ زواج المرأة من أهم القرارات في حياتها، ولهذا فإنّ دور وليّ الأمر في هذا الشأن بالغ الأهمية. يُحدد هذا الدليل واجبات وليّ الأمر تجاه ابنته أو أخته أو قريبته، مستندًا إلى أحكام الشريعة الإسلامية وآراء العلماء.
اختيار الزوج المناسب: تقوى الله وحسن الخلق
يُشدد الإسلام على ضرورة اختيار الزوج الصالح الذي يتمتع بالتقوى وحسن الخلق. فقد قال رسول الله ﷺ: (إذا أتاكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض) "حسن رواه الترمذي". وهذا يعني أن على ولي الأمر أن يتقي الله في اختياره، وأن يراعي خصال الزوج الصالح، وأن يتجنب تزويجها ممن ساء خلقه أو ضعف دينه. كما حذر السلف من تزويج الكريمة من فاجر، لما في ذلك من قطع للرحم.
فإذا تلقى ولي الأمر طلبات زواج لابنته، فعليه أن يختار من يتقي الله، كما قال الحسن البصري: "ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أِبغضها لم يظلمها". فالتقوى هي الأساس، فالمتقى هو من يحسن معاملتها سواء أحبها أم لم يحبها.
رضا المرأة و حق الاختيار
يُؤكد الإسلام على ضرورة مراعاة رضا المرأة و حقها في الاختيار. فقد نصّ شيخ الإسلام ابن تيمية على أنه إذا رضيتْ امرأة برجلٍ، وكان كفؤًا لها، وجب على وليها (الأب، ثم الأخ، ثم العم) أن يزوجها به. وإن امتنع عن تزويجها، يُزوجها وليّ أبعد أو الحاكم. ويتفق العلماء على أنه ليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤًا لها. إنما يعضلها أهل الجاهلية الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرضٍ دنيويّ، مُكرهين إيّاهنّ على ذلك، أو مُعَضِّلين إيّاهنّ عن نكاح من يكون كفؤًا لهنّ لعداوة أو غرضٍ دنيويّ، وهو ما حرمه الله ورسوله، واتفق المسلمون على تحريمه.
يُلزم الله أولياء النساء بالنظر في مصلحة المرأة لا في أهوائهم الشخصية، فذلك من الأمانة التي أمر الله بها: ﴿ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].
عرض المرأة للزواج
يجوز للرجل أن يعرض ابنته أو أخته على من يرى فيه الصلاح. فقد كان عمر بن الخطاب يفعل ذلك، كما فعل مع حفصة بنت عمر رضي الله عنها، عندما عرضها على عثمان بن عفان، ثم على أبي بكر الصديق، ثم خطبها رسول الله ﷺ وتزوجها.
خاتمة
يُلخص هذا الدليل واجبات وليّ الأمر في زواج المرأة، مؤكدًا على أهمية اختيار الزوج الصالح، ومراعاة رضا المرأة، والعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية لتحقيق مصلحة الجميع.
اترك تعليقاً