مقدمة: صراع بين وعدين
في خضم الحياة، يتنازعنا وعدان: وعد الشيطان بالفقر والحاجة، ووعد الله بالمغفرة والفضل. إن فهم هذا الصراع العميق هو الخطوة الأولى نحو التحرر من قبضة الخوف وتحقيق السعادة الحقيقية. يقول تعالى في كتابه الكريم: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة: 268]. دعونا نتأمل هذه الآية الكريمة ونستخلص منها الدروس والعبر.
الشيطان: عدو يزرع الخوف
الشيطان، عدونا الأزلي، يسعى جاهداً لإبعادنا عن طريق الخير. سلاحه الأقوى هو الخوف، وتحديداً الخوف من الفقر. يوسوس لنا بالإمساك عن الإنفاق، ويصور لنا المستقبل كابوساً من الحاجة والعوز. هذه ليست نصيحة صادقة، بل هي خداع مبين يهدف إلى إبعادنا عن سبيل الله. تذكروا دائماً: {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}.
الله: وعد بالخير والبركة
في المقابل، يدعونا الله تعالى إلى الإنفاق في سبيله، لا بدافع الإكراه، بل بدافع الحب والإيمان. يعدنا الله بالمغفرة لذنوبنا، وتطهيرنا من العيوب، وفضلاً وإحساناً في الدنيا والآخرة. هذا الفضل يتجلى في:
- الخلف العاجل: عوض مادي ومعنوي في الدنيا.
- انشراح الصدر: طمأنينة وراحة بال لا تضاهيها كنوز الدنيا.
- نعيم القلب والروح والقبر: سعادة حقيقية تتجاوز حدود الزمان والمكان.
- حصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة: جزاء عظيم ينتظرنا في الآخرة.
إن فضل الله واسع وعظيم، وهو عليم بكل ما نقدمه من نفقات، قليلها وكثيرها، سرها وعلنها. سيجازينا الله على ذلك من سعته وفضله وإحسانه.
الإنفاق: طريق إلى البركة والفضل
تدعونا الآية الكريمة إلى التأمل في الأسباب الموجبة للإنفاق، والتي تشمل:
- الزكاة: فريضة واجبة في النقدين وعروض التجارة.
- الزكاة في الخارج من الأرض: في الحبوب والثمار والمعادن.
- الإنفاق على المحتاجين: مد يد العون لكل من يحتاج.
ملاحظات هامة حول الزكاة:
- الزكاة تجب على من له الزرع والثمر، لا على صاحب الأرض.
- الأموال المعدة للاقتناء (العقارات، الأواني) لا تجب فيها الزكاة.
- الديون والغصوب المجهولة، أو التي لا يقدر صاحبها على استخراجها، لا تجب فيها الزكاة.
- لا يجوز إخراج الرديء في الزكاة.
الخلاصة: إلى أي الداعيين تميل؟
في نهاية المطاف، يترك لنا الله تعالى حرية الاختيار. فإلى أي الداعيين تميل؟ هل تختار طريق الخوف والتقوقع الذي يدعوك إليه الشيطان، أم طريق الثقة بالله والإنفاق في سبيله الذي يعدك بالبركة والفضل؟ الخيار لك، والنتائج ستكون من نصيبك. فاجعل اختيارك حكيماً، واختر طريق النور والخير.
اترك تعليقاً