اليوتيوب مقبرة العصر: عظات من الماضي في نقرة زر
عبرة الماضي في شاشة الحاضر
لطالما كانت القبور والأطلال الشاهد الصامت على فناء الدنيا، تذكرنا بزوال النعيم وانقضاء الأعمار. كانت هذه المشاهد البليغة كافية لإيقاظ القلوب وتذكيرها بحقيقة الموت. ولكن في عصرنا الحديث، ظهرت وسيلة أخرى أكثر فاعلية وقربًا لتذكيرنا بالرحيل: اليوتيوب.
من البهجة إلى الرثاء: رحلة عبر الزمن في مقاطع الفيديو
تخيل أنك تبحث على اليوتيوب عن مقاطع فيديو لأعراس أو مناسبات اجتماعية قديمة لأقاربك أو أفراد قبيلتك، تعود إلى ثلاثين أو أربعين عامًا مضت. ستجد وجوهًا مشرقة، وأجسادًا مفعمة بالحيوية، وحياةً تعج بالحركة والبهجة. سترى رجالًا تعرفهم جيدًا، تصافحهم، تراهم يتحركون ويمرحون.
ولكن المفارقة المؤلمة هي أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم الذين تراهم في تلك المقاطع، أصبحوا الآن عظامًا بالية في قبور صامتة. أرواحهم مرتهنة بأعمالهم، مشغولة بما آلت إليه عند ربها. لم يعد يسمع لهم صوت، ولا يتركون أثرًا ملموسًا في الحياة الدنيا.
عظة المستقبل: صورك ومقاطعك ستصبح عبرة
تأمل! بعد مرور سنوات قليلة، قد تكون صورك ومقاطع الفيديو الخاصة بك، تلك التي تشاركها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هي نفسها التي ستصبح عبرة وعظة للآخرين. قد يشاهدها أحفادك أو أقاربك، ويتأملون في وجوهكم وضحكاتكم، ويتذكرون أنكم كنتم هنا ذات يوم.
دروس مستفادة من مقبرة اليوتيوب:
- زوال النعيم: تذكرنا هذه المقاطع بأن النعيم والبهجة مؤقتان، وأن الحياة الدنيا زائلة.
- أهمية العمل الصالح: تؤكد على أهمية العمل الصالح والسعي إلى ترك أثر طيب في الحياة، فهو ما يبقى بعد الرحيل.
- الاستعداد للرحيل: تدعونا إلى الاستعداد للموت والعمل للآخرة، فكلنا راحلون.
- تقدير اللحظة: تحثنا على تقدير اللحظات الجميلة في حياتنا والاستمتاع بها بشكل واعٍ ومسؤول.
خاتمة:
اليوتيوب، بما يحتويه من كنوز الماضي، ليس مجرد منصة ترفيهية، بل هو مقبرة عصرية تقدم لنا عظات بليغة عن الحياة والموت. فلنستمع إلى هذه العظات، ولنجعلها دافعًا لنا للعمل الصالح والاستعداد للرحيل، وترك بصمة إيجابية في هذا العالم.
اترك تعليقاً