إيمان أم سليم: قصة صبرٍ وإيمانٍ تُذهل القلوب

إيمان أم سليم: قصة صبرٍ وإيمانٍ تُذهل القلوب

إيمان أم سليم: قصة صبرٍ وإيمانٍ تُذهل القلوب

تُعدّ أم سليم (سهلة بنت ملحان الأنصارية رضي الله عنها) نموذجًا يُحتذى به في الصبر والإيمان. لقد سكن الإيمان قلبها، وربّتها تعاليم القرآن الكريم، وتعلّمت من مدرسة النبوة معاني الصبر واليقين. تخلّت عن زوجها الكافر، ورفضت الزواج من أثرياء القوم، مُمسكةً بدينها وعقيدتها رغم كل المغريات الدنيوية. سنستعرض في هذا المقال قصةً رائعة من حياتها تُظهر عظيم إيمانها وثباتها.

رحمة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمير

تزوجت أم سليم من أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه، ورزقهما الله بولدٍ اسمه عمير، كان محبوبًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يُداعدبه ويمزحه. في أحد الأيام، زار النبي صلى الله عليه وسلم بيت أم سليم، فرأى عميرًا جالسًا يبكي على عصفوره الصغير المحتضر. تقدّم النبي إليه، وجلس بجانبه، ومسح على رأسه، مُواسياً إياه بسؤاله الحنون: "يا أبا عمير، ما فعل النُّغير؟" (النُّغير: العصفور الصغير). كرّر النبي سؤاله مرة أخرى، فبكى عمير مُخبرًا إياه بموت عصفوره.

هذه اللفتة من النبي صلى الله عليه وسلم تُظهر عظيم رحمته، وكيف كان يُشارك الأطفال أحزانهم، مُعلّمًا لنا أهمية التعاطف والرحمة مع الصغار. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

بلاءٌ يصيب أم سليم وثباتها المذهل

مرض عمير مرضًا شديدًا، ومات. هنا تكمن عظيمة صبر أم سليم وإيمانها. لم تشقّ جيبها، ولم تصرخ، ولم تعترض على قضاء الله وقدره، بل قالت بكل خشوع: "الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون". غسّلت ابنها وكفّنته بنفسها، ووضعته في مكانٍ بالبيت دون أن تُظهر حزنها لأحد.

عند عودة أبي طلحة، زينت نفسها وأعدّت له الطعام. سألها عن عمير، فأجابت بحكمة وإيمان: "يا أبا طلحة، إن عميرًا بات الليلة لا يشتكي تعبًا، نام نومًا هادئًا". لم تكذب، بل عبّرت عن رضاها بقضاء الله. في الصباح، طلب أبو طلحة رؤية ابنه قبل الذهاب إلى المسجد، فشرحت له أم سليم بلياقةٍ أن الله استردّ وديعته. أُعجب أبو طلحة بصبرها، وقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون".

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وثمرة الصبر

روى أبو طلحة ما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعى لهما قائلاً: "بارك الله لكما في ليلتكما". وبعد أيام، حملت أم سليم، وولدت غلامًا اسمه عبد الله، كان سببًا في خيرٍ عظيم، فقد أنجب عشرة أبناءٍ، كلهم حفظةٌ للقرآن الكريم.

درسٌ من صبر أم سليم لأمهات غزة والعالم

قصة أم سليم تُلهمنا جميعًا. فكما صبرت على فقدان ابنها، نرى اليوم أمهاتٍ في غزة وغيرها يُواجهن مصائبَ عظيمةً، لكن إيمانهنّ وثباتهنّ يُشبهان صبر أم سليم. يُعلّمنا هذا الصبر أن الإيمان هو السند في الشدائد، وأن الصبر على المصائب هو الطريق إلى الفرج.

خاتمة: التزود للآخرة

إن الدنيا وما فيها فانية، وكلٌّ منها وديعةٌ ستُسترد. فلنتزوّد بالتقوى والعمل الصالح، لأن ما ينفعنا في الآخرة هو عملنا الصالح. نسأل الله أن يُرزقنا صبرًا كصبر أم سليم، ورضًا كرضًاها، ويقينًا لا يتزعزع عند البلاء.

مسألة فقهية: صلاة تحية المسجد عند الأذان

إذا دخل المسلم المسجد والمؤذن يؤذن، فهل يصلي تحية المسجد مباشرةً أم ينتظر؟

الجواب: يختلف الأمر بحسب نوع الصلاة:

  • صلاة الجمعة: يُستحب البدء بصلاة تحية المسجد وسنة الجمعة مباشرةً، وعدم انتظار انتهاء الأذان؛ لأن الاستماع لخطبة الجمعة واجب.

  • غير صلاة الجمعة: يُستحب انتظار انتهاء الأذان، ومتابعة المؤذن، ثم الدعاء بعد الأذان، ثم صلاة تحية المسجد.

المراجع:

  • [1] البخاري، كتاب الأدب، باب: الانبساط إلى الناس: (8/ 37)، برقم: (6129)، ومسلم، كتاب الآداب، باب: استحباب تحنيك المولود (3/ 1692)، برقم: (2150)، وسنن أبي داود (4/ 293)، برقم: (4969).
  • [2] صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب: رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك: (4/ 1808)، برقم: (2316).
  • [3] سنن الترمذي، أبواب الجنائز باب فضل المصيبة إذا احتسب: (2/ 332)، برقم (1021) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
  • [4] أخرجه أحمد في مسنده: (20/ 227)، برقم: (12865) وهذا إسناد حسن، والإصابة في تمييز الصحابة (8/ 410).

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *