الأضحية: شعيرة عظيمة في الإسلام.. فضلها وأحكامها وأسرارها
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتجه أنظار المسلمين حول العالم نحو هذه الشعيرة العظيمة، الأضحية، التي تجسد معاني التضحية والإيثار والتقرب إلى الله. فما هي الأضحية؟ وما فضلها؟ وما هي أحكامها؟ وما الأسرار الكامنة وراءها؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
ما هي الأضحية؟
الأضحية هي:
- لغةً: اسم لما يضحى به.
- اصطلاحًا: ما يذبح من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) أيام عيد الأضحى تقربًا إلى الله تعالى.
تعتبر الأضحية من الذبائح المشروعة في الإسلام، والتي تشمل أيضًا الهدي والعقيقة. وتمثل الأضحية قربانًا يفتدي به العبد نفسه، ويتقرب به إلى الله تعالى.
مشروعية الأضحية في الإسلام
لقد شُرعت الأضحية في جميع الملل، وهي من شعائر الدين التي حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
- القرآن الكريم: قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34]. وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
- السنة النبوية: روى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يُضحِّي". وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه أيضًا، قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشَيْن أملحَيْن أقرنَيْن، ذبحهما وسَمَّى وكبَّر، ووضَع رِجلَه على صِفاحهما".
وقد واظب خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الأضحية في حياته وبعد وفاته، وكذلك المسلمون من بعدهم في سائر الأعصار والأمصار؛ فدل على مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع.
حكم الأضحية: سنة مؤكدة أم واجبة؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة (غير واجبة) في حق كل من قدر عليها من المسلمين المقيمين والمسافرين، إلا الحجاج بمنى، فاختار أكثر أهل العلم أنهم لا أضحية عليهم؛ فإن الأضحية لغير الحجاج، وأما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي.
بينما ذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوبها، فأوجبها الإمام أبو حنيفة رحمه الله على كل مسلم حر، مقيم بين المسلمين، مالك للنصاب.
فضل الأضحية وأهميتها
تتجلى أهمية الأضحية في عدة جوانب:
- التقرب إلى الله تعالى: فهي عبادة عظيمة يتقرب بها العبد إلى ربه، ويظهر فيها امتثاله لأوامره.
- إحياء سنة إبراهيم عليه السلام: تذكرنا الأضحية بقصة إبراهيم عليه السلام وتضحيته بابنه إسماعيل، ثم فداء الله له بكبش عظيم.
- التوسعة على النفس والأهل: تتيح الأضحية للمضحي أن يوسع على نفسه وأهل بيته، ويُدخل السرور عليهم.
- إكرام الجيران والأقارب والأصدقاء: تعتبر الأضحية فرصة لصلة الرحم وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء.
- التصدق على الفقراء والمساكين: جزء من الأضحية يوزع على الفقراء والمساكين، مما يساعد على تخفيف معاناتهم وإدخال الفرحة إلى قلوبهم.
- شكر الله على نعمة الحياة: الأضحية تعبير عن شكر الله على نعمة الحياة، وعلى نعمه التي لا تحصى.
آداب الأضحية وشروطها
لتحقيق الأجر الكامل من الأضحية، يجب مراعاة بعض الآداب والشروط:
- النية الصادقة: يجب على المضحي أن يستحضر النية الصادقة عند شراء الأضحية وذبحها، وأن يبتغي بها وجه الله والدار الآخرة.
- اختيار الأضحية السليمة: يجب اختيار الأضحية السليمة من العيوب الظاهرة، وأن تكون من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم).
- الذبح في الوقت المحدد: يجب ذبح الأضحية في الوقت المحدد شرعًا، وهو بعد صلاة عيد الأضحى إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.
- الإحسان في الذبح: يجب الإحسان في ذبح الأضحية، واستخدام سكين حاد، وعدم تعذيب الحيوان.
- توزيع الأضحية: يستحب تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث: ثلث للمضحي وأهل بيته، وثلث للأقارب والجيران، وثلث للفقراء والمساكين.
تنبيه هام
مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، نذكر إخواننا المسلمين بضرورة الابتعاد عن أي نكت أو صور أو تعليقات ساخرة عن الأضاحي، فهي شعيرة من شعائر الله، وتعظيمها من تقوى القلوب.
قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعل عيدنا عيد فرح وسرور وبركة.
اترك تعليقاً