أسماء الله الحسنى: الشافي، الهادي، المنان، المقدم، والمؤخر – شرحٌ وافيٌ من أقوال السلف

أسماء الله الحسنى: الشافي، الهادي، المنان، المقدم، والمؤخر – شرحٌ وافيٌ من أقوال السلف

أسماء الله الحسنى: الشافي، الهادي، المنان، المقدم، والمؤخر – شرحٌ وافيٌ من أقوال السلف

تُعد أسماء الله الحسنى من أعظم كنوز الإيمان، وهي مصدرٌ للتفكر والتدبر في صفات الله عز وجل وصفاته الكاملة. سنستعرض في هذا المقال شرحًا وافيًا لخمسة من هذه الأسماء: الشافي، الهادي، المنان، المقدم، والمؤخر، مستندين إلى أقوال العلماء والفقهاء رحمهم الله.

الشافي: شفاءٌ للأبدان والقلوب

يُعد اسم "الشافي" من أسماء الله الحسنى، وهو أبلغ من مجرد وصف "الطبيب"، لأن الشفاء بيد الله وحده، وقد لا يحصل الشفاء حتى بالطبيب. وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم رب الناس، أذهب الباس، اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا".

يشمل شفاء الله عز وجل نوعين:

  • الشفاء المعنوي الروحي: وهو الشفاء من علل القلوب كالشُبَه والشكوك والحسد والحقد.
  • الشفاء المادي: وهو الشفاء من أمراض الأبدان والأسقام.

كما قال الشيخ عبدالرزاق البدر رحمه الله: "معنى الشافي: الذي منه الشفاء، شفاء الصدور من الشُّبَه والشكوك والحسد والحقد وغير ذلك من أمراض القلوب، وشفاء الأبدان من الأسقام والآفات، ولا يقدر على ذلك غيره، فلا شفاء إلا شفاؤه، ولا شافي إلا هو".

الهادي: الهداية إلى الخير والرشاد

اسم "الهادي" يدل على إرشاد الله لعباده إلى طريق الخير والرشاد في دنياهم وآخرة. يُهدي الله عباده إلى مصالحهم الدينية والدنيوية، ويعلمهم ما لا يعلمون، ويهديهم للتوفيق والتسديد. وقد قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: "هاديًا يهديك إلى الحق، ويُبصرك الرُّشد".

كما أوضح الشيخ عبدالرزاق البدر رحمه الله أن الهادي هو الذي يهدي عباده ويرشدهم ويدلهم إلى ما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرة، وبهدايته اهتدى أهل ولايته إلى طاعته ورضاه.

المنان: عظيم العطاء والكرم

اسم "المنان" يدل على كرم الله وعظيم عطائه، حيث يمنّ على عباده بالخيرات والنعماء بلا حساب. يُعرف المنّ بأنه العطاء، وليس المنة، كما قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله. فالله عز وجل هو المنان، عظيم المواهب، الذي أعطى الحياة والعقل والنطق، وأنعم فأجزل، وأكثر العطايا والمنح.

قال الشيخ عبدالرزاق البدر رحمه الله: "المنان: هو كثير العطاء، عظيم المواهب، واسع الإحسان، الذي يدر العطاء على عباده، ويوالي النعماء عليهم تفضُّلًا منه وإكرامًا، ولا منان على الإطلاق إلا الله وحده، الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، له المنة على عباده، ولا منة لأحد منهم عليه".

المقدم والمؤخر: تقديرٌ وحكمةٌ إلهية

يُعدّ اسما "المقدم" و"المؤخر" من الأسماء المزدوجة المتقابلة في صفات الله عز وجل. فالله تعالى يقدم من يشاء ويؤخر من يشاء بحكمته وعلمه. يُمكن أن يكون التقديم والتأخير حسيًا، كفضل بعض المخلوقات على بعض، أو شرعيًا، كفضل بعض الأنبياء والعباد على بعض.

كما أوضح العلامة العثيمين رحمه الله أن التقديم والتأخير نوعان: حسي ومعنوي. الحسي كأن يقدم الله ولادة شخص على آخر، والمعنوي كأن يكون شخص متقدم في الصف الأول في الصلاة، ولكنه مؤخر عند الله في الثواب والأجر.

خاتمة:

إن التفكر في أسماء الله الحسنى يُقرب العبد من ربه، ويزيد في إيمانه، ويُلهم قلبه الخشوع والطمأنينة. نسأل الله أن ينفعنا بما ذكرنا، وأن يهدينا إلى سواء السبيل.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *