مقدمة: ملك الله الشامل
{الحمد لله الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].
في رحاب ملك الله الواسع، نجد السكينة والطمأنينة. تأمل عظمة هذا الملك المطلق، الذي يشمل كل شيء، من أصغر ذرة إلى أعظم مجرة. لا شيء يخرج عن سيطرته، ولا يحدث إلا بإذنه. إنه وحده المدبر، الرازق، والقادر على كل شيء.
وهم التعلق بغير الله
كم مرة غفلنا عن هذه الحقيقة؟ كم مرة تعلقنا بأسباب دنيوية زائلة، ناسين أن المالك الحقيقي هو الله؟ الخوف من الفقد، والرجاء في المخلوق، كلها مظاهر لقلب غفل عن حقيقة التوحيد.
عندما يضعف اليقين في قلوبنا، نبدأ في البحث عن الأمان في غير مكانه الصحيح. نتعلق بالبشر، نرجو منهم ما لا يقدرون عليه، ننسى أنهم عباد مثلنا، ضعفاء أمام قدرة الله.
لماذا التعلق بغير الله شقاء؟
التعلق بغير الله طريق الشقاء. القلب الذي يغفل عن أن الله هو المالك، يبدأ في التعلق بالبشر، يظن أن رزقه بيد فلان، أو أن نجاته ستأتي من علان. لكن سرعان ما يكتشف أن كل ما في الدنيا زائل، وكل من فيها ضعيف.
- خيبة الأمل: كم من قلب انهار لأن من تعلق به خذله!
- سراب الدنيا: وكم من روح هامت خلف الدنيا، حتى إذا أمسكت بشيء منها، وجدته سرابًا لا يروي عطش القلب!
توحيد القلب لله: لا شريك له في الملك
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الفرقان: 2].
لا تجعل في قلبك شريكًا لله، لا في الحب، ولا في الرجاء، ولا في التوكل. علق قلبك بمالك الملك، بمن لا يخذلك، ولا يغيب عنك، ولا يعجزه شيء. اجعل يقينك كله بالله، بدلًا من أن تفرقه بين يدي من لا يملكون لأنفسهم شيئًا.
اطمئن: كل شيء بقدر
{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].
هذه الآية تزيل كل مخاوفنا. ما من شيء في هذا الكون إلا وهو خاضع لحكمة الله، مقدر بميزان دقيق لا يختل. عدوك الذي تخشاه هو مجرد مخلوق ضعيف أمام قدرة الله.
تذكر:
- كل ما يحدث لك ليس صدفة، بل هو وفق تدبير محكم من ملك حكيم عليم.
- عندما ترهقك الدنيا، هرول إلى الله وحده الذي بيده إزالة ما تخشاه.
كيف تحقق الطمأنينة؟
- التوكل على الله: سلم قلبك للخالق، وثق بأن كل ما يحدث لك هو لحكمة يعلمها.
- اليقين بالقضاء والقدر: تيقن أن ما كتبه الله لك لن يخطئك، وما قدره عليك لم يكن ليصيب غيرك.
- الرجوع إلى الله في كل الأمور: اجعل الله ملجأك في كل ضيق، ومفزعك في كل كرب.
خاتمة: قلب مطمئن في كنف الله
عندما تثبت قلبك بالله، وتسكن روحك، تمضي في الحياة مطمئنًا، لأنك في كنف من لا تضيع عنده الأقدار. علق رجاءك بالله، وامض متيقنًا أن الله معك في كل لحظة.
اترك تعليقاً