الاستقامة بعد الحج: دليل المسلم للحياة بعد موسم الطاعات


الحمد لله الذي مد في أعمارنا لنشهد مواسم الخير والطاعات، ونسأله سبحانه أن يوفقنا للاستمرار على طريقه المستقيم بعد انقضاء هذه الأيام الفاضلة. فالحج ليس نهاية المطاف، بل بداية رحلة جديدة نحو التقرب إلى الله والتمسك بشرعه.

الاستقامة: جوهر العبادة بعد الحج

إن الاستقامة بعد الحج ليست مجرد اختيار، بل هي واجب على كل مسلم ذاق حلاوة الإيمان في هذه الرحلة المباركة. فالاستقامة تعني الثبات على طاعة الله، والبعد عن معصيته، والسير على نهج النبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤون الحياة.

  • أمر إلهي: قال تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ}.
  • وصية نبوية: عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك -أو قال: بعدك- قال: «قل: آمنت بالله، ثم استقم». (أخرجه مسلم)

الثبات على الطاعة: دعاء النبي ﷺ وقدوة السلف

كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بالثبات على الدين، وهذا دليل على أهمية هذا الأمر.

  • دعاء النبي ﷺ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». (أخرجه أحمد والترمذي)
  • وصايا النبي ﷺ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالمدوامة والثبات على العمل الصالح، وعدم تركه بعد اعتياده.

العبادة ليست موسمية

لا ينبغي أن تكون العبادة محصورة في شهر رمضان أو موسم الحج فقط، بل يجب أن تكون مستمرة طوال العام.

  • العبادة الدائمة: قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.
  • مفهوم العبادة الشامل: العبادة ليست مجرد صلاة وصيام، بل هي كل عمل صالح يرضي الله تعالى.

الاعتدال في العبادة: طريق الاستمرار

من مقاصد ديننا الحنيف الاستمرار على العبادات مع الاقتصاد فيها وعدم الغلو، حتى لا تمل النفس وتسأم.

  • الاعتدال هو الأساس: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُوْوِمَ عليه، وإن قل، وكان آل محمد إذا عملوا عملًا أثبتوه». (متفق عليه)

علامات الحج المبرور

من علامات الحج المبرور أن يستقيم المسلم بعد حجه، ويكون بعد الحج أحسن حالاً من قبله.

  • تغيير إيجابي: يجب أن يظهر أثر الحج في سلوك المسلم وأخلاقه ومعاملاته.
  • الاستقامة طريق النجاة: اتقوا الله عباد الله والزموا طريق الاستقامة، فليس هذه دار إقامة.

اجعلوا أيامكم ولياليكم كلها كليالي رمضان وكأيام العشر والحج في تعلق القلوب بالله تعالى وكثرة ذكره وحسن عبادته، والمحافظة على الفرائض وإتباعها بالنوافل. قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *