فاجعة في سماء الهند: تحطم بوينغ 787 يثير تساؤلات حول مستقبل "طائرة الأحلام"
في صباح يوم الخميس الماضي، اهتزت مدينة أحمد آباد الهندية على وقع كارثة جوية مروعة. طائرة من طراز بوينغ 787، كانت تعتبر "درة التاج" في صناعة الطيران لدى شركة بوينغ، تحطمت بعد إقلاعها بوقت قصير، مخلفة عشرات الضحايا. هذا الحادث المأساوي، الذي أودى بحياة 242 شخصًا على الأقل، لم يصدم قطاع الطيران فحسب، بل أثار أيضًا تساؤلات حادة حول مستقبل هذا الطراز تحديدًا ومستقبل شركة بوينغ بشكل عام.
تفاصيل الحادث وتأثيره على أسهم بوينغ
وفقًا لتقارير الشرطة الهندية، تحطمت الطائرة التابعة لشركة "إير إنديا" بالقرب من مطار أحمد آباد. سرعان ما انتشر الخبر كالنار في الهشيم، مخلفًا صدمة في أوساط قطاع الطيران، الذي كان يعول على طراز بوينغ 787 ليكون من بين الأكثر أمانًا في العالم.
تأثير الحادث لم يقتصر على الصدمة المعنوية، بل امتد إلى الأسواق المالية. شهدت أسهم شركة بوينغ هبوطًا حادًا في التداولات المبكرة، حيث انخفض سعر السهم بنسبة 8%، مسجلاً 196.85 دولارًا. هذا التراجع يعكس القلق المتزايد لدى المستثمرين بشأن مستقبل الشركة في ظل هذه الظروف الصعبة.
حادث مفصلي يعيد فتح ملف السلامة لدى بوينغ
يعتبر هذا الحادث أول حادث مميت لطراز بوينغ 787، وهو تطور مفصلي يعيد تسليط الضوء على المخاوف المرتبطة بسجل السلامة لدى شركة بوينغ. يأتي هذا في ظل استمرار الجدل حول جودة التصنيع ومدى فاعلية الرقابة على طائرات الشركة، خاصة بعد سلسلة من الحوادث التي شهدتها طائرات أخرى تابعة لبوينغ في السنوات الأخيرة.
سجل حافل بالمشاكل: هل "طائرة الأحلام" تعيش كابوسًا؟
على الرغم من أن الطائرة المنكوبة تنتمي إلى طراز حديث نسبيًا، إلا أن حوادث سابقة لطائرات بوينغ أخرى، مثل تحطم طائرة "ليون إير" الإندونيسية في عام 2018 والطائرة الإثيوبية في عام 2019، أودت بحياة جميع من كانوا على متنهما. وفي عام 2024، شهدت طائرة من طراز "737 ماكس" حادثًا خطيرًا فقدت فيه إحدى بواباتها خلال التحليق.
ورغم أن طراز "بوينغ 787" لم يُسجل له حوادث مميتة قبل هذا الحادث، إلا أنه عانى منذ دخوله الخدمة في عام 2011 من سلسلة طويلة من الأعطال الفنية والمشاكل التقنية، مما يثير تساؤلات حول موثوقيته وسلامته على المدى الطويل.
بوينغ 787: محاولة لمنافسة إيرباص A350
سعت شركة بوينغ إلى جعل طراز 787 "درة تاج" صناعتها في سياق المنافسة الشديدة مع شركة "إيرباص" الأوروبية، التي حققت نجاحات كبيرة عبر طرازها "A350 XWB". أعلنت بوينغ عن إطلاق طراز 787 في عام 2004 وأطلقت عليه اسم "دريم لاينر" (Dreamliner)، وتعني "طائرة الأحلام".
- تاريخ الإطلاق والتأخير:
- 2004: الإعلان عن إطلاق الطراز.
- 2007: بدء التجميع النهائي للوحدة الأولى.
- 2009: إكمال وحدة الاختبار الأولى والتحليق بها.
- 2011: تسليم أولى النسخ التجارية.
مواصفات بوينغ 787: تقنيات متطورة وتحديات مستمرة
تُعد "بوينغ 787" من الطائرات الثنائية المحرك ذات البدن الواسع، وتراوح سعتها بين 210 و330 مسافرًا حسب تصميم المقاعد. تفتخر الشركة المصنعة بأن الطائرة مزودة بأحدث التقنيات التي تهدف إلى تعزيز الراحة والسلامة، إضافة إلى تقليل استهلاك الوقود بنسبة 25%.
-
المميزات التقنية:
- نظام تحكم متطور في ضغط الهواء داخل المقصورة.
- بطاريات ليثيوم أيون.
- نوافذ أكبر.
- أبواب ومنزلقات متقدمة للإخلاء.
- أنظمة ذكية لرصد الحرائق وإطفائها.
- هيكل الطائرة: مصنوع من مواد مركبة مثل البلاستيك المقوى بألياف الكربون، مما يجعلها أخف وزنًا وأكثر مقاومة للتآكل، ويسهم في تقليل الانبعاثات وتكاليف التشغيل.
إيرباص A350: منافس قوي بسجل سلامة متميز
تكتسب أهمية طراز "بوينغ 787" زخمًا إضافيًا عند مقارنته بنظيره الأوروبي "إيرباص A350 XWB" الذي طُرح في عام 2010، قبل عام واحد من دخول "787" إلى الخدمة. صُممت طائرات "A350 XWB" بمواصفات هندسية متقدمة تركز على السلامة والتكامل بين أنظمة القيادة والطيارين، وحققت الشركة الأوروبية عبره نجاحًا عالميًا واضحًا.
-
سجل السلامة: باستثناء حادثة واحدة عام 2024، لم يسجل لهذا الطراز أي حوادث مميتة.
-
المواد المتقدمة: يستخدم طراز "A350" مواد متقدمة تصل إلى أكثر من 70% من الهيكل، مثل التيتانيوم والمركبات الحديثة.
- التقنيات المتقدمة: زُوّد بنظام "الفرملة للإخلاء" (Brake-to-Vacate) الذي يُحسّن كفاءة الهبوط ويقلل استهلاك الوقود ويُطيل عمر المكابح، بالإضافة إلى نظام طيار آلي لتفادي الاصطدام وتقنيات ملاحية متقدمة.
الأعطال المتكررة: هل تؤثر على ثقة المسافرين؟
مع أن طائرة "بوينغ 787" لم تُسجل حوادث مميتة قبل مأساة أحمد آباد، فإنها لم تكن بعيدة عن أعطال متكررة منذ انطلاقها في الخدمة.
- أمثلة على الأعطال:
- 2013: تسرب وقود في طائرة تابعة للخطوط الجوية اليابانية.
- 2013: مشكلة بأسلاك البطارية في طائرة تابعة لـ "يونايتد إيرلاينز".
- 2013: اندلاع حريق في طائرة إثيوبية متوقفة في مطار هيثرو.
- 2014: تسرب وقود بطائرة نرويجية بسبب صمام معيب.
- 2021: سقوط مقدمة طائرة بريطانية على مدرج مطار لندن هيثرو.
- 2024: انخفاض مفاجئ في الارتفاع في رحلة لشركة "لاتام" التشيلية، أدى إلى إصابة 50 راكبًا.
خلاصة: مستقبل بوينغ 787 في مهب الريح؟
حادث أحمد آباد يمثل ضربة قوية لشركة بوينغ، ويثير تساؤلات جدية حول مستقبل طراز 787 ومكانته في سوق الطيران العالمي. هل ستتمكن بوينغ من استعادة ثقة المسافرين والمستثمرين؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على قدرة الشركة على معالجة المخاوف المتعلقة بالسلامة والجودة، وإجراء تحسينات جذرية في عمليات التصنيع والرقابة. مستقبل "طائرة الأحلام" يبدو اليوم أكثر ضبابية من أي وقت مضى.
اترك تعليقاً