فريدون عباسي دوائي: العالم النووي الإيراني الذي اغتيل في طهران
في فجر يوم 13 يونيو/حزيران 2025، اهتزت العاصمة الإيرانية طهران على وقع غارات استهدفت مواقع حساسة، أسفرت عن مقتل العالم النووي والسياسي الإيراني البارز، فريدون عباسي دوائي، إلى جانب عدد من القادة العسكريين والعلماء. فمن هو فريدون عباسي دوائي؟ وما هي مسيرته العلمية والسياسية التي جعلته هدفًا؟
النشأة والتعليم: من عبادان إلى الحرس الثوري
وُلد فريدون عباسي دوائي في 8 سبتمبر/أيلول 1958 في مدينة عبادان بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران. نشأ في كنف عائلة محافظة تنحدر من بلدة كازرون في منطقة فارس. بعد إكمال دراسته الابتدائية والثانوية، التحق بجامعة شيراز في أواخر سبعينيات القرن العشرين، متخصصًا في الفيزياء النووية.
مع اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، انضم عباسي إلى الحرس الثوري الإيراني، مساهمًا في الدفاع عن الثورة. تدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة عميد.
العودة إلى الدراسة والتخصص في الفيزياء النووية
في عام 1982، وبعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، عاد عباسي إلى مقاعد الدراسة، مستكملًا تعليمه العالي. أبدى اهتمامًا بالغًا بالتطبيقات الفيزيائية وشارك في العديد من الدورات وورش العمل في المجال النووي.
حصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة أمير كبير في طهران، مركزًا على مجالات الليزر والتطبيقات النووية. وفي عام 2006، انتقل إلى جامعة الشهيد بهشتي، حيث واصل أنشطته العلمية في كلية الهندسة النووية.
المسيرة المهنية: تدريس وتطوير مشاريع نووية
شغل عباسي مناصب أكاديمية وإدارية مرموقة طوال حياته المهنية.
- جامعة الإمام الحسين العسكرية (1991-2006): عضو هيئة التدريس، أستاذ محاضر، ثم رئيس الكلية.
- وزارة العلوم: المشاركة في قسم شؤون الطلبة.
- معهد الدراسات الفيزيائية التطبيقية (حتى 2010): باحث أول ومشارك في تطوير مشاريع متعلقة بالفيزياء النووية تحت إشراف العالم النووي محسن فخري زاده.
تضمنت إسهاماته تصميم برمجيات وحساب العائد الإشعاعي، بالإضافة إلى مشاريع استراتيجية أخرى.
رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (2011-2013)
في فبراير/شباط 2011، عُين عباسي رئيسًا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، خلفًا لعلي أكبر صالحي. خلال فترة رئاسته، أشرف على:
- إدارة مشاريع التخصيب في منشأتي نطنز وفوردو.
- تحسين تخصيب اليورانيوم لتلبية احتياجات البلاد.
- تشغيل مفاعل أراك بقدرة 40 ميغاوات.
- الإشراف على إنتاج الوقود النووي في مصانع أصفهان.
- تركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
- الدفاع عن ملف البرنامج النووي الإيراني أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أُقيل عباسي من منصبه في أغسطس/آب 2013، ليخلفه صالحي مرة أخرى.
عضوية البرلمان واللجنة النووية
في عام 2019، انتُخب عباسي عضوًا في البرلمان الإيراني عن منطقتي كازرون وكوهنجار. كما عُين رئيسًا للجنة الطاقة، حيث كُلف بصياغة السياسات المتعلقة بالطاقة النووية والدفاع عن تطوير التكنولوجيا السلمية النووية.
محاولة الاغتيال عام 2010
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، نجا عباسي من محاولة اغتيال نفذها الموساد الإسرائيلي، حيث تم تثبيت عبوة ناسفة على باب سيارته. أسفر الحادث عن إصابته هو وزوجته.
التكريم والتقدير
حصل عباسي على "جائزة الأستاذ النموذجي" في إيران عام 2007، وكرمته جامعة الشهيد بهشتي في نفس العام، تقديرًا لإسهاماته الأكاديمية وإنجازاته العلمية في مجال الفيزياء النووية وتطوير البحث العلمي في البلاد.
الاغتيال: نهاية مسيرة حافلة
في 13 يونيو/حزيران 2025، قُتل فريدون عباسي دوائي في هجوم إسرائيلي استهدف مواقع عدة في طهران، ليختتم مسيرة حافلة بالعلم والعمل السياسي، تاركًا وراءه إرثًا من الإنجازات في المجال النووي الإيراني.
اترك تعليقاً