قصة موسى عليه السلام ومَلَك الموت: حقائق ومعجزات
تروي هذه القصة الرائعة من السنة النبوية الشريفة، حدثاً استثنائياً في حياة النبي موسى عليه السلام، حينما واجه مَلَك الموت، وكيف تعامل مع هذا الموقف العصيب. سنستعرض في هذا المقال تفاصيل هذه القصة، ونناقش بعض الأسئلة والشبهات التي قد تطرأ على ذهن القارئ، مستندين إلى أحاديث نبوية صحيحة وروايات متواترة.
الرواية النبوية الشريفة
يروي أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجِبْ ربك، فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها، فرجع الملك إلى الله تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني، فرد الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي، فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة، فضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة. قال: ثم مه؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر». رواه البخاري ومسلم.
إجابة على بعض الشبهات حول القصة
أثار هذا الحديث الكثير من الأسئلة والتساؤلات، خاصة من بعض الملحدين والمعارضين، ونذكر منها: كيف استطاع موسى عليه السلام أن يفعل ذلك بمَلَك الموت؟ وكيف خالف الملك أمر ربه؟
سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات من خلال النقاط التالية:
-
صحة الحديث: الحديث ثابت في الصحيحين، كتابي البخاري ومسلم، وهما من أصح الكتب بعد القرآن الكريم، كما أكد ذلك العديد من العلماء كابن تيمية رحمه الله.
-
جهل موسى عليه السلام بطبيعة الزائر: لم يكن موسى عليه السلام يعلم أن الزائر هو مَلَك الموت، بل ظنه رجلاً يريد قتله، فدافع عن نفسه، مما أدى إلى فقء عين الملك. وتؤيد هذه النقطة رواية أخرى تقول: «أُرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه». رواه مسلم. يُشير هذا إلى ردة فعل دفاعية طبيعية، وليست تعمداً لإيذاء مَلَك.
- جواز فعل موسى عليه السلام: يُبيح الشرع الإسلامي الرد على من يعتدي على دارك أو ينظر إليها بدون إذن، وقد جاء في أحاديث نبوية صحيحة أن من فعل ذلك يحق لصاحب الدار أن يفقأ عينه.
الفوائد والعبر المستخلصة من القصة
تتضمن قصة موسى عليه السلام ومَلَك الموت العديد من الفوائد والعبر المهمة، منها:
-
ابتلاء المؤمن بالإيمان بالغيب: يُعتبر الإيمان بالغيب من أهم خصائص المؤمنين، وهذه القصة تُعدّ من أحداث الغيب التي تُبتلى بها قلوب المؤمنين.
-
مشاهدة الأنبياء للملائكة: يثبت هذا الحديث قدرة الأنبياء على رؤية الملائكة، بما فيهم مَلَك الموت.
-
قدرة الملائكة على التمثل: يُمكن للملائكة أن تظهر في صور مختلفة، كما حدث مع مريم العذراء عليها السلام.
-
بشرية الأنبياء: الأنبياء بشر، يُمكنهم أن يتصرفوا بردود أفعال بشرية، كما حدث مع موسى عليه السلام.
-
فضل الموت في الأرض المقدسة: سأل موسى عليه السلام أن يموت في الأرض المقدسة، وهذا يدل على فضل هذه الأرض المباركة.
-
جواز الدفن في مكان مُعين: يُجوز الدفن في مكان مُعين، خاصة إذا كان له فضل، كما هو الحال في الأرض المقدسة.
-
كرامة الأنبياء: يُخير الله تعالى الأنبياء عند الموت بين الحياة وبين لقاءه سبحانه وتعالى.
-
جواز الزيادة في العمر: يُجوز الزيادة في العمر، كما ورد في الحديث.
-
الشوق لقاء الله لا يتناقض مع كراهية الموت: الشوق لقاء الله لا يتعارض مع كراهية الموت، فالمؤمن يحب لقاء الله رغم كراهيته للموت.
-
الموت أمر محتوم على الجميع: الموت أمر مُحتم على جميع البشر، حتى الأنبياء.
-
مكان قبر موسى عليه السلام: يُعتقد أن قبر موسى عليه السلام في الأرض المقدسة، عند الكثيب الأحمر.
-
عدم معرفة مكان قبر موسى عليه السلام على وجه اليقين: لا يُعرف مكان قبر موسى عليه السلام على وجه اليقين إلا في روايات ضعيفة.
-
حياة الأنبياء في قبورهم: يُعتقد أن الأنبياء أحياء في قبورهم.
- نهي عن شد الرحال إلى القبور: لا يُجوز شد الرحال إلى القبور إلا إلى المساجد الثلاثة المُستثناة في الحديث النبوي الشريف.
نتمنى أن يكون هذا المقال قد أوضح بعض جوانب هذه القصة العظيمة، وأجاب على بعض التساؤلات التي قد تطرأ حولها. إنها قصة مليئة بالعبر والدروس، تُذكرنا بقضاء الله وقدره، وبأن الموت حق على كل نفس.
اترك تعليقاً