أصوات عربية في بلجيكا: قصص نجاح سياسي وتحديات التمثيل

أصوات عربية في بلجيكا: قصص نجاح سياسي وتحديات التمثيل

من الهجرة إلى القيادة: رحلة الاندماج السياسي للعرب في بلجيكا

تُشكل الجاليات العربية في بلجيكا قوة ديموغرافية وازنة، خاصة في المدن الكبرى، حيث تمثل ما يقرب من 12% من الناخبين. ورغم ذلك، لا يزال تمثيلهم في الهيئات التشريعية دون المستوى المأمول، مما يجعل كل فوز انتخابي قصة نجاح ذات دلالة رمزية واستراتيجية. في هذا المقال، نستعرض تجارب ملهمة لسياسيين من أصول عربية في بلجيكا، ونكشف عن التحديات التي واجهتهم، والأحلام التي يسعون لتحقيقها.

سامي مهدي: من ابن لاجئ إلى زعيم حزب

"أنا ابن لاجئ، لكن لا أساوم على الحقيقة". بهذه الكلمات يصف سامي مهدي (37 عامًا) نفسه، وهو رئيس حزب "الديمقراطي المسيحي الفلمنكي" (CD&V)، وأصغر شخص يتولى هذا المنصب في تاريخ الحزب العريق. ولد سامي في بلجيكا لأب عراقي لجأ هربًا من نظام صدام حسين. نشأ في بيئة تحث على الاندماج الكامل في المجتمع البلجيكي، وهو ما ترجمه إلى سياسات واضحة وصارمة عندما تولى منصب وزير الهجرة.

  • الاندماج مسؤولية: يؤكد سامي أن الاندماج ليس منحة، بل مسؤولية تقع على عاتق كل من يعيش في بلجيكا.
  • مواجهة الاتهامات: لم يسلم سامي من اتهامات "التنكر للأصول" و"مغازلة اليمين". لكنه يردّ بابتسامة حازمة: "أنا لا أتهرب من جذوري، أفتخر بأنني ابن لاجئ، لكنني أيضا سياسي بلجيكي".
  • قدوة للشباب: يرى سامي نفسه قدوة للشباب من أصول مهاجرة، وإشارة إلى أن النجاح ليس حكرًا على أبناء النخبة.

فؤاد أحيدار: من حي مهمش إلى برلمان بروكسل

في الطابق العلوي من برلمان بروكسل، يستقبلنا فؤاد أحيدار في مكتبه المتواضع. يروي لنا فؤاد (الذي أسس مؤخراً حزب "For You") تجربته التي بدأت في حي "سان غيل" المهمش، حيث كان يشعر بالظلم والتمييز بسبب أصوله العربية.

  • رد فعل على الظلم: "السياسة لم تكن طموحًا، بل رد فعل على الظلم". هكذا يصف فؤاد دوافعه لدخول عالم السياسة.
  • صوت الأحياء الشعبية: يهدف فؤاد إلى أن يكون صوتًا للأحياء الشعبية، والمدافع عن حقوق المهمشين.
  • التعددية في الممارسة: يؤمن فؤاد بالتعددية ويمارسها في فريقه البرلماني المتنوع.
  • مواجهة الاتهامات: يواجه فؤاد اتهامات بـ"الإسلامية المقنعة"، لكنه يرد ساخرًا: "أنا مسلم، واشتراكي، وبلجيكي".

أصوات نسائية: فتيحة أمردون وفاطمة أوميمون

لا يقتصر الوجود العربي في السياسة البلجيكية على الرجال. فتيحة أمردون، سيدة أعمال وناشطة بلدية في مدينة هارلبيكي، تعمل على دعم الفئات الهشة وتعزيز قيم التضامن والاندماج. أما فاطمة أوميمون، فقد صنعت حضورًا سياسيًا في مدينة بلانكينبيرغ الساحلية، حيث تمثل أول امرأة مسلمة وعربية تُنتخب في قيادة الحزب بالمدينة.

التحديات والمستقبل

رغم قصص النجاح الملهمة، لا يزال التمثيل السياسي للعرب في بلجيكا دون المستوى المأمول. يرى العديد من النواب ذوي الأصول العربية أن جهودهم موجهة لخدمة مجتمعاتهم المحلية، بدلًا من تشكيل لوبيات ضغط فاعلة. هذا التوجه يعكس روحًا تضامنية وإنسانية، لكنه يسلط الضوء أيضًا على الحاجة لوعي سياسي جمعي أقوى، وإستراتيجية طويلة المدى لرفع الصوت العربي في النقاش العام.

في الختام، تمثل قصص هؤلاء السياسيين العرب في بلجيكا شهادة على إمكانية الاندماج والنجاح في عالم السياسة. لكنها في الوقت نفسه تذكرنا بالتحديات التي لا تزال تواجه الجالية العربية في تحقيق تمثيل سياسي عادل يعكس وزنها الديموغرافي.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *