تواجه السنغال تحديات جمة في استعادة ثقة المستثمرين بعد الكشف عن ممارسات مالية غير شفافة من قبل الحكومة السابقة. وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية والانضباط المالي، أعلنت وزارة المالية السنغالية عن تأجيل نشر تقارير تنفيذ الميزانية العامة للدولة للربعين الماضيين حتى 23 يونيو/حزيران.
محاولة إصلاح ما أفسدته الحكومة السابقة
تأتي هذه الخطوة في سياق جهود تبذلها الحكومة الحالية، المنتخبة في بداية العام الماضي، لإعادة بناء الثقة مع المستثمرين التي تدهورت بشدة إثر فضيحة الديون المخفية والتلاعب بالأرقام المالية للدولة. فقد كشف تدقيق أجراه ديوان المحاسبة السنغالي في فبراير/شباط الماضي عن أن الحكومة السابقة كانت تخفي الأرقام الصحيحة عن المموّلين والشركاء الخارجيين، وتقدّم لهم بيانات غير دقيقة، مما أدى إلى تضليلهم بشأن الوضع المالي الحقيقي للبلاد.
تداعيات وخيمة على الاقتصاد السنغالي
- تجميد تمويلات صندوق النقد الدولي: في نهاية العام الماضي، جمّد صندوق النقد الدولي صرف تمويلاته للسنغال بعد أن أقرّت الحكومة آنذاك بتقديم بيانات غير دقيقة حول الدين العام والعجز المالي. وأكد الصندوق أن أي محادثات بشأن ترتيب جديد في شأن التعاون والمساعدات لن تبدأ قبل تسوية هذه القضية.
- ارتفاع الدين العام: أظهرت بيانات التحقيق الجديد أن نسبة الدين العام وصلت في نهاية 2023 إلى نحو 100% من الناتج المحلّي، بينما كان النظام السابق أعلن أنها في حدود 74%.
- خسائر للمستثمرين: وفقا لبيانات بنك "جي بي موغان"، فإن السندات الدولارية للسنغال هي الأسوأ أداء في أفريقيا، حيث تسبّبت في خسائر مالية للمستثمرين بلغت نسبتها 11.5%.
خطوات الحكومة الحالية نحو الإصلاح
أكد بيان وزارة المالية السنغالية أن نشر الأرقام المتعلّقة بتنفيذ الميزانية العامة يعكس التزام الحكومة باستعادة الانضباط والشفافية في الميزانية، مشيرة إلى أن عمليات تحديد البيانات وإعادة تصنيفها والتحقق منها تشكل جزءًا من إستراتيجيتها لتنظيف المالية العامة.
جهود لا تزال غير كافية
على الرغم من ترحيب صندوق النقد الدولي بخطة السنغال لتعزيز الامتثال الضريبي وخفض الاعتماد على التمويل الخارجي، إلا أنه شدد على أن ذلك لا يغير من قرار تعليق برامج التمويل والإنعاش الاقتصادي الذي تم اتخاذه في نهاية العام الماضي.
اتهامات متبادلة ومحاكمات
تتّهم الحكومة الحالية، نظام الرئيس السابق ماكي سال بأنه أدخل البلاد في أزمة مع الشركاء الخارجيين، إذ اعتمد على تزييف الأرقام المتعلقة بالمديونية وحجم الإنفاق العام. وفي سياق البحث عن استعادة الثقة مع الشركاء، بدأت الحكومة الجديدة في سلسلة من المحاكمات والإجراءات العقابية ضد رموز النظام السابق الذين تتهمهم بالاختلاس وتزوير الأرقام، وهو الأمر الذي نفاه المعنيون بشكل قاطع، واعتبروه محاولة من الرئيس الجديد باسيرو ديوماي فاي ووزيره الأول بالتغطية على فشلهما الاقتصادي.
مستقبل الاقتصاد السنغالي
يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الحكومة السنغالية في استعادة ثقة المستثمرين من خلال هذه الإجراءات؟ وهل ستتمكن من تجاوز الأزمة المالية الحالية وإعادة الاقتصاد السنغالي إلى مساره الصحيح؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستتضح في الأشهر القادمة مع استمرار الحكومة في تنفيذ خططها الإصلاحية ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها.
اترك تعليقاً