إطعام الطعام في الإسلام: واجب ديني واجتماعي وسبيل إلى الجنة

إطعام الطعام في الإسلام: واجب ديني واجتماعي وسبيل إلى الجنة

إطعام الطعام في الإسلام: واجب ديني واجتماعي وسبيل إلى الجنة

يُعدّ إطعام الطعام في الإسلام من أعظم القربات، وهو ليس مجرد عمل تطوعي، بل واجب ديني واجتماعي ذو أبعاد روحانية وأخلاقية عميقة. يؤكد الإسلام على أهمية إطعام الطعام بأحاديث نبوية شريفة وآيات قرآنية كريمة، مُبرزًا مكانته العالية في نيل رضا الله تعالى والفوز بالجنة.

أحاديث نبوية تحث على إطعام الطعام:

يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (متفق عليه). وقد فسّر العسقلاني هذا الحديث بقوله: "لم يقل عليه الصلاة والسلام: (توكيل الطعام)؛ لأن لفظ الإطعام يشمل الأكل والشرب والذواق، والضيافة والإعطاء، وغير ذلك". وهذا يُظهر مدى شمولية هذا العمل الخيري العظيم.

كما ورد في أحاديث أخرى:

  • "إن موجبات المغفرة بذل الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الكلام" (إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، ج3، ص229).
  • "أيما مؤمن أطعم مؤمنًا على جوع، أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمنًا على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمنًا على عري، كساه الله من حلل الجنة" (الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، نبيل صبحي الطويل، ص62).

تُبرز هذه الأحاديث فضل إطعام الطعام ورفعه إلى مرتبة موجبات المغفرة، وربطه بنيل نعيم الجنة. بل إن بعض الصحابة، مثل عبد الله بن المبارك، فضّل إطعام صبيين جائعين على أداء فريضة الحج، مُبينًا بذلك أهمية إغاثة المحتاجين.

القرآن الكريم ونهي عن إهمال إطعام الفقراء:

يُحذّر القرآن الكريم بشدة من إهمال إطعام المساكين والفقراء، ويربط ذلك بعذاب الدنيا والآخرة. ففي سورة المدثر، يصف القرآن الكريم حال أصحاب اليمين في الجنة، ويتساءلون عن أصحاب النار الذين سُئلوا عن سبب عذابهم، فأجابوا بأنهم لم يكونوا يُصلّون ولم يكونوا يُطعمون المساكين.

(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) [المدثر: 38 – 44].

كما يُشدّد القرآن على تحريض الآخرين على إطعام الطعام، مُعتبرًا ترك ذلك من علامات الكفر، كما في سورة الحاقة وسورة الماعون وسورة الفجر.

المسؤولية الجماعية عن إطعام الجائعين:

لا يقتصر واجب إطعام الطعام على الفرد، بل يتعدّاه إلى المسؤولية الجماعية. فالأمة بأكملها تُلام إذا تركت فردًا واحدًا جائعا. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعانًا، وجاره إلى جانبه جائعا" (صحيح). كما قال: "أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله" (صحيح). ويُشير هذا إلى المسؤولية الجماعية عن توفير الغذاء للجميع، وأن موت شخص من الجوع يُعتبر جريمة تستوجب المساءلة.

حتى إن بعض الفقهاء ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فاعتبروا أن أهل البلد بأكمله مسؤولون عن من يموت من الجوع بينهم، وأنهم يُعتبرون قتلةً له، ويجب عليهم دفع الدية. ويُؤكد هذا على ضرورة التعاون والتكاتف لتوفير الغذاء للجميع، وعدم ترك أي شخص عرضةً للجوع والحرمان.

الخلاصة:

يُبرز هذا المقال أهمية إطعام الطعام في الإسلام، كواجب ديني واجتماعي، وكمصدر للثواب والنجاة من العذاب. ويُؤكد على المسؤولية الفردية والجماعية في توفير الغذاء للجميع، وأن موت أي شخص من الجوع يُعتبر جريمة تستوجب المساءلة. فدعونا جميعًا نحرص على إطعام الطعام، ونُشارك في إغاثة المحتاجين، نسعيًا لنيل رضا الله تعالى والفوز بجنته.

(المراجع):

  • دراسة إسلامية في العمل والعمال، لبيب السعيد، ص77، 78.
  • إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، ج3، ص229.
  • الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، نبيل صبحي الطويل، ص62.
  • الغزو الفكري وهم أم حقيقة، محمد عمارة، ص129.
  • لا للفقر في ظل القرآن، أحمد سعيد، ص275، 276.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *