يُعدّ الوفاء بالنذر من أهمّ أركان الإسلام، وهو عبادةٌ تُقرب العبد إلى ربه، وتُظهر صدق نيّته وإخلاصه. وقد حثّ القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على الوفاء بالنذر، وبيّنت أحكامه وتفاصيله. سنستعرض في هذا المقال أهمّ ما جاء في النصوص الشرعية حول وجوب الوفاء بالنذر، وما هي عواقبه إن تمّ إهماله.
أدلة شرعية على وجوب الوفاء بالنذر:
يُؤكد القرآن الكريم على وجوب الوفاء بالنذر في آياتٍ كريمة، منها قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: 29]. كما جاء في سورة الإنسان: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ [الإنسان: 7]. تُظهر هذه الآيات أهمية الوفاء بالنذر، وتربطه بالتقوى وخوف يوم القيامة.
النبي صلى الله عليه وسلم والوفاء بالنذر:
لم يقتصر الأمر على القرآن الكريم، بل أكّد النبي صلى الله عليه وسلم على وجوب الوفاء بالنذر في العديد من الأحاديث الشريفة. فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يَفُون، ويظهر فيهم السِّمن»؛ رواه البخاري ومسلم. يُبيّن هذا الحديث خطورة عدم الوفاء بالنذر، ويربطه بصفاتٍ سلبية أخرى.
كما وردت أحاديث أخرى تُوضح حكم الوفاء بالنذر، منها:
- حديث سعد بن عبادة: روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر أمه المتوفاة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقضيه عنها، مما يُشير إلى وجوب الوفاء بالنذر حتى عن المتوفى.
- حديث عمر بن الخطاب: روى البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم حول نذرٍ نذره في الجاهلية، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء به.
- حديث ابن عمر: روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الله تعالى أمر بوفاء النذر.
رأي العلماء في وجوب الوفاء بالنذر:
أجمع جمهور العلماء على وجوب الوفاء بالنذر، فقد قال النووي في "شرح مسلم": "فيه: وجوب الوفاء بالنذر، وهو واجب بلا خلاف". وهذا يُؤكد على قوة الأدلة الشرعية التي تدعم وجوب الوفاء بالنذر.
خاتمة:
إن الوفاء بالنذر عبادةٌ عظيمة، تُظهر صدق العبد وإخلاصه لله تعالى. وقد حثّ الشارع الحكيم على الوفاء به، وبيّن عواقبه الوخيمة إن تمّ إهماله. لذا، يجب على كل مسلم أن يُحرص على الوفاء بنذوره، وأن يتقي الله تعالى في جميع أحواله.
اترك تعليقاً