مقدمة: صراع الأفكار المستمر
منذ بزوغ فجر الإسلام، لم يتوقف سعي الخصوم للنيل منه، مستخدمين شتى الأساليب والمكائد. فمن الهجوم الإعلامي على ثقافتنا، إلى محاولات التغلغل في مناهجنا التعليمية، وصولاً إلى السيطرة الاقتصادية، تتعدد أوجه هذا الصراع الفكري الذي يهدف إلى إضعاف الأمة الإسلامية.
وللأسف، يجد المسلمون أنفسهم اليوم في مواجهة تيار جارف يصعب مقاومته. فالحروب الفكرية أصبحت أشد فتكًا من الحروب العسكرية، لأنها تتسلل إلى عقولنا وقلوبنا خفية، عبر وسائل الإعلام والثقافة وحتى التعليم. وكما قيل، قد يأتي العدو في صورة مقال جذاب أو فيلم مثير، أو حتى من خلال شخص ينتمي إلينا ظاهريًا.
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على بعض هذه الدسائس التي تستهدف المسلمين، والتي تهدف إلى إشعال نار الغزو الفكري في مجتمعاتنا. وقبل الخوض في التفاصيل، من الضروري أن نحدد مفهوم الغزو الفكري.
تعريف الغزو الفكري
يمكن تعريف الغزو الفكري بأنه:
- الوسائل غير العسكرية: التي تستخدم لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية، وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام وعقيدته وقيمه.
- إغارة الأعداء: على أمة بأسلحة وأساليب مختلفة لتدمير قواها الداخلية، وعزائمها ومقوماتها، والاستيلاء على كل ما تملكه.
أبرز دسائس الغزو الفكري
فيما يلي بعض أبرز الدسائس التي يسعى من خلالها أعداء الإسلام إلى تحقيق أهدافهم:
-
التشكيك في العقيدة:
- إدراك أعداء الإسلام لقوة العقيدة والإيمان الراسخ في قلوب المسلمين.
- محاولات إضعاف العقيدة من خلال:
- نشر الأفكار المشوشة والمنحرفة.
- التشكيك في التراث الإسلامي وأصول العقيدة بحجج واهية.
- استخدام "حوار الأديان" لتحقيق أهداف خفية.
- مقولة لويس التاسع: "إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده… ولكن حاربوهم في عقيدتهم".
-
التدخل في مناهج التعليم:
- التعليم عنصر أساسي في بناء الأمم.
- فرض مناهج غربية مجردة من الرؤية الإسلامية.
- السيطرة على التعليم تعني السيطرة على مستقبل الأمة.
- اتهام المواد الدراسية الإسلامية بأنها غير واقعية أو أساطير قديمة.
- التركيز على العلوم الأخرى على حساب العلوم الإسلامية.
- إحداث تغيير في ثقافة الطالب ليصبح مغرماً بالغرب وعاداته.
-
الدعوة إلى الاختلاط:
- محاولة الجمع بين السمات البشرية دون مراعاة الفروق بين الجنسين.
- تخطي الحدود التي وضعتها الشريعة الإسلامية.
- إشاعة الفوضى والتسيب في المجتمع.
-
محاولة خرق النسيج الاجتماعي:
- استهداف القيم والأخلاق والمبادئ التي تسود المجتمع.
- محاولة غرس قيم وآداب وعادات دخيلة.
- إفساد المرأة وتغريبها وإبعادها عن دينها.
- زج المرأة في ميادين العمل ومزاحمة الرجال.
- تحويل المرأة إلى سلعة رخيصة تباع وتشترى.
- التحكم باقتصاديات المسلمين:
- استغلال الموارد الاقتصادية الهائلة في العالم الإسلامي.
- التدخل في الشؤون الاقتصادية لتحقيق مصالح غربية.
- السيطرة على الموارد الاقتصادية لامتلاك قلوب المسلمين.
- استخدام المال كسلاح للتهديد والإغراء وشراء الذمم.
دسائس أخرى للغزو الفكري
- بناء المدارس الأجنبية والإرساليات التبشيرية.
- ابتعاث الشباب المسلم إلى الغرب.
- نشر الكتب والمجلات المضللة.
- إفساد المسلمين بالخمور والمخدرات وقنوات المجون.
- إنشاء المذاهب والمبادئ الهدامة.
- محاربة اللغة العربية.
- إلغاء المحاكم الشرعية.
- محاربة الأديان ونشر الإلحاد.
- تدمير القوى البشرية واستذلال الأمم.
- السيطرة على الشباب والأطفال.
- ترويج الفلسفات المادية.
كيف نواجه الغزو الفكري؟
يجب على كل مسلم أن يتمسك بالثوابت الإسلامية التي طالما أراد الأعداء زعزعتها. وبالعودة إلى هذه الثوابت، يمكننا استعادة دورنا القيادي.
- نشر الكتب الإسلامية الإيمانية: والصحف والمجلات التي تحمل أصالة ديننا.
- تهذيب النفوس وتثقيف العقول: لزيادة الوعي الديني والإسلامي.
- الإعراض عن تعاليم الغرب الضالة: والتركيز على قيمنا ومبادئنا.
خاتمة: العاقبة للمتقين
إن نجاح أعداء الإسلام محدود ومؤقت، وسيكون بداية نهايتهم. فالعاقبة للمتقين في نهاية المطاف، مهما طال الأمد.
فلنجعل هذا المقال حافزًا للتحرر من تبعات الغزو الفكري، والوعي بضرورة التحرر في هذه المرحلة الحاسمة.
قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: ٨]
فلنحقِّق الشرط يثبت الله الجزاء {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧].
اترك تعليقاً