نصائح ثمينة للقضاة: سبيل النجاح والعدل

نصائح ثمينة للقضاة: سبيل النجاح والعدل

نصائح ثمينة للقضاة: سبيل النجاح والعدل

يمثل منصب القضاء مسؤولية جليلة، يتحملها القاضي أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام الناس الذين يضعون ثقتهم فيه. لذا، يتطلب هذا المنصب العظيم التزود بصفاتٍ أخلاقيةٍ وعلميةٍ رفيعة، تمكن القاضي من إقامة العدل، وتحقيق مصالح الناس. في هذا المقال، نستعرض بعض النصائح القيّمة والمهمة للقضاة، مستلهمين من أقوال العلماء والفقهاء، بهدف المساعدة في أداء هذه الأمانة العظيمة على أكمل وجه.

أهمية التقوى ومراقبة الله

يُعدّ تقوى الله سبحانه وتعالى، ومراقبته في السرّ والعلن، من أهمّ أسباب النجاح في القضاء. فبتقوى الله يتبيّن وجه الصواب، كما ورد في القرآن الكريم: "إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا" [الأنفال: 29]. وقد بيّن الإمام أحمد رحمه الله أهمية التقوى في الوصول للصواب، مستشهداً بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اقتربوا من أفواه المطيعين، واسمعوا منهم ما يقولون، فإنهم تُجلى لهم أمور صادقة، وذلك لقرب قلوبهم من الله". فكلما اقترب القلب من الله، زالت عنه معارضات السوء، وقوي نور كشفه للحق.

الآداب الشرعية في القضاء

يجب على القاضي أن يتأدّب بالآداب الشرعية التي ذكرها العلماء في هذا الباب، وأن يكون قويًّا في حمل ما كُلِّف به، دون عنفٍ يمنع صاحب الحق من استيفاء حقه، ودون ضعفٍ يجترئ به صاحب الباطل. كما وصف عمر بن عبد العزيز رحمه الله القاضي الصالح بقوله: "لا يصلح القاضي إلا أن تكون فيه خِصال: أن يكون صليبًا نزهًا، عفيفًا حليمًا، عليمًا بما كان قبله من القضاء والسُّنن".

البصيرة والفطنة في الحكم

يجب على القاضي أن يتمتع ببصيرةٍ وبصرٍ بأهل زمانه، وأن يحذر حلاوة ألسن بعضهم، فلهم أهدافٌ وأغراضٌ، وحوائجٌ يحاولون تحصيلها بكل الوسائل. كما يجب عليه أن يكون ذا أناةٍ وتثبتٍ، وفطنةٍ فيما يحكم به، ألاّ يعجل في البتّ بالحكم حتّى يتبيّن له وجه الصواب، دون تأخيرٍ يخلّ بالمقصود ويُسبب ضياع حقّ الضعيف.

الجد والاجتهاد في العمل

يجب على القاضي الحرص على لزوم العمل، والمبادرة إليه في أوقاته لإنجاز مهمّات المسلمين، وقضاء حوائجهم. كما ينبغي له أن يُظهر أخلاقاً حسنة، وأن يكون قدوةً حسنةً يُقتدى به، وأن يدعو إلى الله، ويرشد الناس، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

الاستعداد ليوم القيامة

يجب على القاضي أن يتذكر أن الخصومات ستُعاد يوم القيامة، وأن العدل الإلهي هو الفيصل. لذا، عليه أن يبذل قصارى جهده للوصول للحقّ، مستعيناً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة والتابعين، وعلماء الشريعة.

الاستعانة بالدعاء

إذا تعسّر على القاضي الوصول للصواب، فليستعن بالدعاء، وليدعو بدعاء الاستفتاح، أو ما شابهه من الأدعية التي وردت عن السلف الصالح، مثل دعاء "يا مُعلِّم إبراهيم، علِّمني". فالدعاء من أقوى أسباب الإصابة، والمعول في ذلك كله على حسن النية، وخلوص المقصود، وصِدق التوجه إلى الله.

اختيار القضاة

يجب على الجهات المختصة أن تُعيّن قضاةً أكفاء، يتمتعون بالكفاءة العلمية والأخلاقية العالية، فالقضاء أمانةٌ عظيمة، لا ينبغي أن تُعطى إلاّ لمن يستحقّها.

الخاتمة

إنّ هذه النصائح تُمثّل نبذةً مختصرةً لما ينبغي للقاضي أن يتحلّى به من صفات، وأسأل الله تعالى أن ينفع بها كلّ طالب حقّ، وأن يوفق الجميع للقول السديد، والأمر الرشيد. وننصح القضاة بدراسة الكتب المختصة بالسياسة الشرعية، والأحكام السلطانية، وأقضية الرسول صلى الله عليه وسلم.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *