سيناء: أطفال البدو.. كيف يحولون التراث إلى فرصة في عالم السياحة؟

سيناء: أطفال البدو.. كيف يحولون التراث إلى فرصة في عالم السياحة؟

في جنوب سيناء، حيث تتلاقى روعة الطبيعة مع أصالة التراث البدوي، يبرز جيل جديد يسعى لتحويل هذا المزيج الفريد إلى مصدر رزق. قصة أطفال البدو ليست مجرد حكاية عن كسب العيش، بل هي رحلة استكشاف تجمع بين الحفاظ على الهوية الثقافية والتكيف مع متطلبات العصر الحديث.

من شواطئ دهب إلى رمال وادي سلامة: قصص ملهمة

تتجلى صور التحدي والإصرار في كل زاوية من زوايا جنوب سيناء. ففي دهب، تتجمع حبيبة ورفيقاتها كل صباح لبيع المشغولات اليدوية المستوحاة من التراث البدوي. رحلة يومية تبدأ عند الساعة التاسعة صباحًا، حيث ينطلقن نحو شاطئ "البلو هول" في محمية أبو جالوم، حاملات أحلامهن الصغيرة في حقائب قماشية ممتلئة بالإبداع.

  • حبيبة: فنانة الخيوط الماهرة، تصنع أساور ملونة في دقائق معدودة.
  • سارة: تجمع المال لمساعدة أسرتها وشراء ما تحتاجه من ملابس وأدوات مدرسية.
  • بشاير: تركز على العمل خلال الإجازات الدراسية، مدركة أهمية التعليم.

أما في وادي سلامة، فتواجه ملك ظروفًا أكثر قسوة. تجلس تحت أشعة الشمس الحارقة، تعرض منتجاتها على زوار الوادي، متمنية أن يلتفت إليها أحد. وعلى الرغم من صعوبة الموقف، لا تفقد الأمل في تحقيق مكسب يساعدها على مواجهة تحديات الحياة.

رأس محمد والطور: وجوه أخرى من العمل السياحي

في محمية رأس محمد، يجد عبد العزيز نفسه منغمسًا في العمل داخل إحدى الاستراحات البدوية. يقدم الشاي البدوي للسياح، ويساعد في بيع الحلي والتماثيل، متنقلاً بين الاستراحات المختلفة. رحلة طويلة تبدأ من مدينة الطور، ولكن شغفه بالعمل والتفاعل مع الزوار من مختلف الجنسيات يمنحه الطاقة اللازمة لمواصلة المشوار.

أما عيد، الطفل الذي لا يتجاوز عمره سبع سنوات، فيقف بجوار الجمال في محمية أبو جالوم، منتظرًا فوجًا جديدًا من السياح. يقدم لهم عروضًا لركوب الجمال على طول الشاطئ، متبعًا خطى والده الذي يعمل الآن سائقًا لسيارات الدفع الرباعي.

تحديات وفرص: نظرة أعمق

عمل الأطفال في القطاع السياحي بجنوب سيناء ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل هو انعكاس لواقع اجتماعي واقتصادي معقد. فمع ارتفاع نسبة إعالة الأطفال في المنطقة، يصبح العمل ضرورة حتمية للعديد من الأسر.

ومع ذلك، يثير هذا الواقع تساؤلات حول التوفيق بين العمل والدراسة، وضمان حقوق الأطفال في التعليم واللعب. فبينما تعمل بعض الأطفال خلال الإجازات فقط، يضطر آخرون للعمل خلال العام الدراسي، مما يؤثر على تحصيلهم العلمي وفرصهم المستقبلية.

نحو مستقبل أفضل: دور المجتمع

إن مستقبل أطفال البدو في جنوب سيناء يعتمد على تضافر جهود المجتمع بأسره. فمن خلال توفير فرص التعليم والتدريب المناسبة، ودعم الأسر المحتاجة، يمكننا تمكين هؤلاء الأطفال من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم.

كما أن تشجيع السياحة المسؤولة التي تحترم حقوق الأطفال وتساهم في تنمية المجتمعات المحلية يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تحسين ظروفهم المعيشية.

قصة أطفال البدو في جنوب سيناء هي قصة أمل وتحدي، قصة تستحق أن تُروى وتُلهمنا جميعًا للعمل من أجل مستقبل أفضل لهم ولأجيال قادمة.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *