بعد مرور المئة يوم الأولى من ولايته، بدأ الرئيس دونالد ترامب في إجراء تعديلات في إدارته، مما أثار تساؤلات حول مستقبل السياسة الخارجية الأميركية. الإطاحة بمستشاره للأمن القومي، مايكل والتز، سلطت الضوء على صراع خفي بين جناحي الحزب الجمهوري: تيار "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً) والمحافظين الجدد.
بداية التغيير: إقالة والتز وتأثيرها
لم يتردد ترامب في إجراء تغييرات بعد فترة قصيرة من توليه منصبه، وهذا يعكس رغبته في تثبيت شخصيات تتبنى أجندته السياسية دون معارضة. هذه الخطوة تأتي في وقت حساس، حيث تتناول الإدارة قضايا معقدة مثل العلاقات مع روسيا، والاتفاقيات مع أوكرانيا، والتعامل مع التهديدات المتزايدة من الصين، والمفاوضات المحتملة مع إيران.
تغريدات تكشف الصراع الخفي
قبل إقالة والتز بيوم واحد، أشار دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس، إلى وجود صراع داخل الإدارة، حيث اتهم "المحافظين الجدد في الدولة العميقة" بمحاولة تقويض أجندة والده في السياسة الخارجية. هذه التغريدة سلطت الضوء على التوتر بين التيارين المتنافسين داخل الحزب الجمهوري.
مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ودورها
تتهم بعض الأطراف مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، وهي مؤسسة بحثية تدعم إسرائيل، بقيادة حملة ضد ستيفن ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط وروسيا. يرى البعض أن هذه المؤسسة تسعى لتقويض أي اتفاق محتمل مع إيران، وتدعو إلى اتخاذ موقف متشدد تجاه طهران.
تاكر كارلسون يحذر من الصراع مع إيران
الإعلامي الشهير تاكر كارلسون، المعروف بقربه من ترامب، حذر من مغبة الصراع مع إيران، مؤكداً أن أي شخص يدعو إلى هذا الصراع ليس حليفاً للولايات المتحدة. هذا التحذير يعكس المخاوف من تصعيد التوترات في المنطقة.
فريقا السياسة الخارجية: "ماغا" والمحافظون الجدد
تضم إدارة ترامب فريقين أساسيين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية:
-
فريق "ماغا": يركز على أجندة "أميركا أولاً"، وينبذ الحروب الخارجية التي يعتبرها استنزافاً لموارد البلاد. يدعو هذا الفريق إلى التركيز على مواجهة الصين، والتوصل إلى اتفاقيات سلام في مناطق مختلفة من العالم. يقود هذا الفريق شخصيات مثل نائب الرئيس جي دي فانس، وأولاد ترامب، وستيفن ويتكوف، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابرد.
- المحافظون الجدد: يمثلون الجمهوريين المتشددين التقليديين الذين يرتبطون بالمجمع الصناعي العسكري، ولا يرغبون في وقف تدخلات أميركا الخارجية، خاصة في الشرق الأوسط. يعارضون أي محاولات للتهدئة مع إيران، ويدعون إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاهها.
ترامب والتوفيق بين التيارين
يسعى ترامب إلى التوفيق بين هذين التيارين المتنافسين، والاستعانة بهما في التعامل مع مختلف القضايا، مع ميله الشخصي إلى رؤية تيار "ماغا" للقضايا الدولية.
أخطاء والتز وتداعياتها
كانت قضية دردشة سيغنال خطأً فادحاً لوالتز، حيث كشفت عن خلافات داخل فريق ترامب وعدم توافقه مع أعضاء فريق "ماغا". كما لم يستطع والتز الدفاع عن مواقف ترامب في وسائل الإعلام، ولم يرحب بتواصل ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
نصيحة لورا لومر وإقالة مسؤولين
في بداية أبريل الماضي، أمر ترامب بإقالة العديد من مسؤولي مجلس الأمن القومي بناء على نصيحة الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر، التي اتهمت مساعدي والتز بعدم الولاء لترامب وأجندة "أميركا أولاً".
الخلاصة
تعكس التغييرات الأخيرة في إدارة ترامب صراعاً داخلياً حول مستقبل السياسة الخارجية الأميركية. يبقى السؤال: هل سينجح ترامب في التوفيق بين التيارين المتنافسين، أم أن هذا الصراع سيؤثر على قدرته على تحقيق أهدافه في السياسة الخارجية؟
اترك تعليقاً