صلاة الضحى: عمل يسير وأجر عظيم
في خضمّ مشاغل الحياة اليومية، قد يغفل البعض عن كنوز من الحسنات متاحة للجميع، لا تتطلب جهدًا كبيرًا ولا وقتًا طويلاً، ولكنها تحمل في طياتها أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا. إنها صلاة الضحى، تلك النافلة المباركة التي تغني عن صدقات كثيرة.
حديث عظيم يكشف فضل صلاة الضحى
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى".
هذا الحديث النبوي الشريف يحمل في طياته معاني جليلة وفوائد عظيمة، فهو يبين أن على كل مسلم أن يشكر الله تعالى على نعمة الصحة والعافية في كل مفصل من مفاصله، والتي تقدر بثلاثمائة وستون مفصلاً.
كيف نشكر الله على هذه النعم؟
قد يتبادر إلى الذهن سؤال: كيف يمكننا أن نشكر الله على هذه النعم الكثيرة في كل يوم؟ يجيبنا الحديث النبوي بأن هناك طرقًا متعددة لفعل ذلك، منها:
- التسبيح: قول "سبحان الله"
- التحميد: قول "الحمد لله"
- التهليل: قول "لا إله إلا الله"
- التكبير: قول "الله أكبر"
- الأمر بالمعروف: دعوة الناس إلى الخير وفعل الطاعات.
- النهي عن المنكر: منع الناس عن الشرور والمعاصي.
كل واحدة من هذه الأعمال الصالحة تعد صدقة يتقرب بها العبد إلى ربه.
صلاة الضحى: بديل يسير وأجر وفير
ولكن رحمة الله وسعت كل شيء، فقد جعل لنا بديلاً يسيرًا يغني عن كل هذه الصدقات، وهو صلاة الضحى. فبركعتين من الضحى يمكن للمسلم أن يشكر الله على نعمة الصحة والعافية في كل مفصل من مفاصله.
وقت صلاة الضحى وفضلها
يبدأ وقت صلاة الضحى بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، ويمتد إلى قبيل صلاة الظهر. وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة، منها ما رواه أبو داود وصححه الألباني عن أبي بريدة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ، مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ" قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبي الله؟ قال: "النُّخَاعَةُ فِي المسْجِدِ تَدْفِنُهَا، وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ".
دروس مستفادة من الحديث
يمكننا أن نستخلص من هذا الحديث النبوي الشريف الدروس والعبر التالية:
- وجوب شكر نعم الله: يجب على المسلم أن يشكر الله تعالى على نعمه الكثيرة، الظاهرة والباطنة.
- الصدقة ليست مقتصرة على المال: الصدقة تشمل كل عمل صالح يفعله المسلم ابتغاء وجه الله.
- فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفضل الأعمال الصالحة.
- فضل إزالة الأذى عن الطريق والمسجد: إزالة الأذى عن الطريق والمسجد من الأعمال التي يحبها الله تعالى.
- تيسير الشريعة الإسلامية: الشريعة الإسلامية شريعة يسر وسهولة، وقد جعل الله لنا بديلاً يسيرًا للأعمال الصعبة.
لنحرص على صلاة الضحى
فلنحرص على أداء صلاة الضحى بانتظام، فهي كنز من الحسنات، وصدقة عن 360 مفصلًا، وعمل يسير وأجر عظيم. لنستثمر هذا الوقت القصير في التقرب إلى الله تعالى، ونيل رضاه ومحبته.
اترك تعليقاً