فرانسوا بورغا: مفكر يثير الجدل بدفاعه عن المقاومة الفلسطينية ونقده للاستعمار

فرانسوا بورغا: مفكر يثير الجدل بدفاعه عن المقاومة الفلسطينية ونقده للاستعمار

فرانسوا بورغا، الفيلسوف وعالم السياسة الفرنسي، شخصية مثيرة للجدل لمواقفه الجريئة وانتقاداته اللاذعة للسياسات الغربية تجاه العالم الإسلامي. يرى بورغا في الحركات الإسلامية، وخاصة حماس، طليعة لمقاومة الاستعمار الجديد، وهو ما جعله في مرمى الاتهامات بـ"تبرير الإرهاب" في فرنسا.

محاكمة بتهمة "تبرير الإرهاب": ذروة المضايقات

في أبريل 2025، وجد بورغا نفسه في قلب معركة قضائية بعد تغريدة له اعتبرت داعمة للمقاومة الفلسطينية. هذه المحاكمة لم تكن سوى تتويج لسنوات من المضايقات التي تعرض لها بسبب آرائه التي تعتبرها بعض الأطراف "مؤيدة للإرهاب". عريضة تضامنية مع بورغا أكدت أن التهم الموجهة إليه تستند إلى تحليلات سبق له نشرها في مؤلفاته الأكاديمية، وأن المحاكمة تمثل تصادمًا بين الحرية الأكاديمية والحملة الفرنسية على الخطاب المؤيد لفلسطين.

"احترام لا محدود لقادة حماس": تصريح يثير العاصفة

أعاد بورغا نشر بيان لحركة حماس يرد على اتهامات باغتصاب وعنف ارتكبها عناصر من الحركة، واصفًا هذه الاتهامات بأنها محاولة "صهيونية شيطانية" لتشويه صورة المقاومة. لم يكتفِ بذلك، بل أضاف: "لديّ احترام وتقدير لا محدود، أقول لا محدود، لقادة حماس أكثر من قادة دولة إسرائيل". هذا التصريح أثار عاصفة من الانتقادات ضده، لكنه تمسك به، مؤكدًا أنه يفهم أن آراءه قد تكون صادمة للبعض، لكنه لا يغير موقفه.

فلسفة بورغا: العنف كرد فعل على الاستعمار

تتسق تصريحات بورغا مع فلسفته التي ترى أن العنف القادم من العالم الإسلامي ليس نابعًا من الإسلام نفسه، بل هو رد فعل على تاريخ استعماري عنيف. يرى بورغا أن إنشاء دولة إسرائيل هو أحد تجليات هذا التاريخ الاستعماري.

رحلة فكرية طويلة في العالم العربي

قضى بورغا ربع عمره في العالم العربي، حيث درس القانون في الجزائر، وعمل باحثًا في القاهرة وصنعاء، وتولى إدارة المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في دمشق وبيروت. هذه التجربة العميقة في العالم العربي شكلت رؤيته للقضايا العربية والإسلامية.

رفض "شلغمة المسلمين": انتقاد للنماذج المفروضة

ينتقد بورغا ما يسميه بـ"شلغمة المسلمين"، أي فرض نماذج معينة من المسلمين يعتبرون "معتدلين" أو "علمانيين" للتحدث باسم المسلمين. يرى بورغا أن هذه السياسة تتعارض مع سياسة الدولة الفرنسية التي تحاول فرض فهمها العلماني على الإسلام.

فهم الظاهرة الإسلامية: تفسير الأسباب والتنوع الشديد للأفعال

يهتم بورغا بفهم الظاهرة الإسلامية من خلال عمليتين: الأولى تهدف إلى تفسير أسباب عودة الخطاب الإسلامي، والثانية تذكّر بالتنوع الشديد للأفعال التي يمكن أن ينتجها هذا الخطاب. يطرح بورغا نماذج مختلفة للإسلام، مثل الإسلام السياسي الديمقراطي والإسلام الجهادي، مؤكدًا أن القدرات التعبوية للخطاب الإسلامي لا تنبع من قدسيته فقط، بل كذلك من الطابع المحلي الأصيل له.

التطرف السياسي وليس الديني هو السبب: نقد للرؤية الغربية السائدة

يختلف بورغا مع الرأي الغربي السائد الذي يرى أن التطرف الديني هو السبب في التطرف السياسي. يرى بورغا أن العنف الإسلامي لا يصدر عن الإسلام بحد ذاته، بل بسبب المظالم التي يتعرض لها المسلمون. يعتبر بورغا أن "الإسلاموية" ليست انحرافًا دينيًا، بل هي المرحلة الثالثة في مسار التحرر من الاستعمار.

أوروبا تتحمل مسؤولية العنف: دعوة للاعتراف بالخطأ

يدعو بورغا الغرب إلى الاعتراف بمسؤوليته عن الأفعال العنيفة التي ترتكب باسم الإسلام، وكذلك النخب المسلمة التي تتبنى أطر التفكير الغربية. يرى بورغا أن الهجمات التي شهدتها أوروبا تعود إلى التحليل الخاطئ الذي تبناه بعض المنظرين الفرنسيين، والذي تجاهل عامل ردة الفعل وعامل الهوية لدى فاعلي الإسلام السياسي.

إسرائيل من المقدسات: انتقاد يُعد جريمة

يرى بورغا أن انتقاد إسرائيل يُعد جريمة خطيرة في الغرب وفرنسا، وأن تهمة معاداة السامية تُستخدم لإدانة من ينتقدون السياسة الغربية في العالم الإسلامي أو ينددون بالإستراتيجية الإسرائيلية في سحق الفلسطينيين.

بورغا بعد السابع من أكتوبر: انتقاد لنتنياهو والغرب

بعد السابع من أكتوبر، انتقد بورغا الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو، معتبرًا أن الغرب لم يمتلك الشجاعة لردع إسرائيل عن الانجراف في التطرف. يرى بورغا أن الإرهابيين هم ثمرة فشل أوروبا، وأن فرنسا لم تعد بلد الأنوار والفلسفة، بل بلد الصوت الواحد الذي يميل إلى اليمين ويعادي الثقافة الإسلامية.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *