الهمة الخفية: سر النجاح الحقيقي الذي يغفله الكثيرون
الكثيرون يتحدثون عن النجاح، ويقدمون لك وصفات سريعة لتحقيقه في قاعات الفنادق الفخمة. لكن هناك نوعًا آخر من الهمة، همة خفية، نادرًا ما يتم تسليط الضوء عليها. هذه الهمة لا تعتمد على استراتيجيات التسويق أو الحيل النفسية، بل تنبع من التوفيق الإلهي والاصطفاء الرباني. إنها همة تركز على الآخرة، وتحتاج إلى يقين راسخ يرى وعد الله حقيقة واقعة.
الهمة السامية: نحو رضوان الله والفردوس الأعلى
أعلى مراتب الهمة هي تلك التي تتجه نحو رضوان الله، وتطلب الفردوس الأعلى، وتسعى لرؤية وجهه الكريم في الآخرة. تخيل أنك تعيش حياة أبدية في الفردوس، غارقًا في نعيم لا يمكن وصفه. أليس من الحكمة أن تسعى بكل جهدك لتحقيق هذا الهدف؟ الإمام الشافعي رحمه الله يقول: "لو أوصى رجل لأعقل الناس لصرف للزهاد".
وهل هناك أعقل ممن يسعى لعمارة مستقبله الأبدي والنجاة من عذاب جهنم؟ نرى الكثيرين يكرسون حياتهم لتحقيق إنجازات دنيوية، كالحصول على شهادات عليا أو براءات اختراع، ونصفهم بأنهم أصحاب همة عالية. لكن هل هذا هو النجاح الحقيقي؟
وهم النجاح الدنيوي: نظرة مختلفة
قرأت ذات مرة سيرة ذاتية لعالم عربي حاز على جائزة نوبل. لقد بذل جهدًا مضنيًا لتحقيق هذا الإنجاز. لا شك أن السعي لتحقيق معالي الأمور في طلب العلم أو الرزق هو أمر محمود، وإذا اقترن بالنية الصالحة، كان نورًا على نور. لكن المشكلة تكمن في حصر مفهوم الهمة العالية في هذه الإنجازات الدنيوية، واعتبارها النموذج الأمثل للنجاح.
الوحي يكشف عن الفوز الحقيقي
دعونا ننظر إلى النموذج الذي ذكره الوحي للفوز والنجاح. يقول الله تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنيا إِلَّا مَتَاعُ الغُرورِ}. ويقول أيضًا: {وَعَدَ اللَّهَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجري مِن تَحْتِهَا الأَنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضوانٌ مِنَ الله أَكبَرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
نصيحة من القلب: تصوراتنا من نور القرآن
نصيحتي لنفسي ولك: لنبنِ تصوراتنا عن الكون والحياة والنجاح من القرآن الكريم. لنعظم ما عظمه الله ورسوله، ولنحتقر ما حقره الله ورسوله.
الدنيا: فتنة واختبار
هذه الدنيا التي يعتبرها الكثيرون غاية وهدفًا، هي في الحقيقة فتنة واختبار. يقول الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}. استحضر هذا المعنى دائمًا، واجعل هذه الآية نبراسًا لك، ولا تدع الذين لا يوقنون يزعزعون يقينك.
اترك تعليقاً