هل يعقل أن تفضح الاستخبارات عميلها؟ نظرة تحليلية في اتهامات أحمد الشرع
تثار بين الحين والآخر اتهامات بالعمالة ضد شخصيات قيادية في العالم العربي والإسلامي، ومن بين هذه الشخصيات يبرز اسم أحمد الشرع، رئيس سوريا الحالي. السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الاتهامات منطقية؟ وهل تتوافق مع طبيعة عمل الاستخبارات وقواعد اللعبة السياسية؟
منطق التجنيد والتدريب: هل يُعقل الفضح بعد الزرع؟
دعونا نفكر بمنطق بسيط: ما الهدف من تجنيد وتدريب شخص ليصبح عميلاً في منصب حساس، مثل رئاسة دولة؟ الجواب واضح: تحقيق مصالح القوة التي قامت بالتجنيد. فهل يعقل أن تقوم هذه القوة بفضح هذا العميل بعد نجاحه في الوصول إلى المنصب؟
- فضح العميل يعني إفشال العملية برمتها: تضييع الوقت والجهد والموارد التي استُثمرت في التجنيد والتدريب.
- فقدان فرصة تحقيق الأهداف: القوة التي زرعت العميل تسعى لتحقيق أهداف معينة من خلاله، وفضحه يعني فقدان هذه الفرصة.
صحيح أن قوى أخرى معادية قد تفضح العميل بهدف إفشال مخططات القوة التي قامت بتجنيده، لكن هل يعقل أن تفضح القوة نفسها عميلها؟
تضليل أم تحليل؟ لماذا نصدق أبواقًا مشبوهة؟
الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الكثير من الأشخاص الذين يفترض فيهم العقلانية والموضوعية يتبنون هذه الادعاءات ويتناقلونها، مستندين إلى مصادر مشبوهة ومعروفة بانتمائها إلى جهات معينة. يتم تبرير ذلك بدعاوى مختلفة، مثل "مقاومة إسرائيل" أو "مقاومة أمريكا وأوروبا" أو "الولاء والبراء" أو "الجهاد" أو "الإسلام السياسي".
لكن هل هذه المبررات مقنعة؟ ألا يجب علينا التفكير بعقلانية وتحليل الأمور بمنطق سليم قبل تبني أي ادعاء؟
تاريخ الاستخبارات: هل رأينا عميلاً مفضوحًا من قبل؟
على مر التاريخ، قامت الاستخبارات بتجنيد وتدريب آلاف الأشخاص في مختلف دول العالم، ووصل العديد منهم إلى مناصب رفيعة. ولكن هل سمعنا يومًا عن جهاز استخبارات قام بفضح أحد عملائه بعد نجاحه في الوصول إلى المنصب؟
موقف شخصي: بين النقد والموضوعية
أكتب هذا التحليل وأنا لم ألتقِ بالرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، وسبق أن انتقدته في كتاباتي. لكن هذا لا يمنعني من التفكير بعقلانية وموضوعية، والالتزام بالعدل الذي هو من أوجب الفرائض الشرعية والعقلية.
الخلاصة: المنطق أولًا
قبل أن نصدق أي ادعاء بالعمالة، يجب علينا أن نسأل أنفسنا: هل هذا الادعاء منطقي؟ هل يتوافق مع طبيعة عمل الاستخبارات؟ هل يخدم مصلحة معينة؟ إذا كانت الإجابة بالنفي، فعلينا أن نرفض هذا الادعاء ونتمسك بالمنطق والموضوعية.
اترك تعليقاً