بسم الله الرحمن الرحيم
يا لها من فاجعة تهتز لها قلوب الأنام وتنوء تحت وطأتها أعتى الأجسام! ألا ترون أيها الناس إلى هؤلاء الأطفال المبتلين؟ كأنما غدت طفولتهم رهن أنين وأحلامهم غبارًا في مهب الرياح، يقاسون في غزة ما لا يطيقه كهل ولا شيخ كبير، وأيُّ بلاء أعظم من أن يصحو الطفل ليجد نفسه وحيدًا، قد فقد اليد الحانية والبيت الدافئ!
يا قوم، حدثوني عن قلب يستطيع أن يحتمل رؤية طفلٍ قد احترق جسده بالنيران أو بُترت أطرافه من شظايا العدوان! طفلٌ لا يملك إلا عينيه الممتلئتين بالخوف، ولا يسمع سوى قصف المدافع وزمجرة الطائرات! أليس هو حقًّا مشهدًا يزلزل القلوب ويعصف بالألباب؟
وكيف لا تنفطر الأكباد، وهؤلاء الأطفال يعانون كوابيس لا تنتهي، وأصوات الحرب ترعبهم حتى في نومهم، فيعيشون بين خوف من الغد وذكرى أليمة لا تمحى؟ منهم من صار عدوانيًا كأنه يصدُّ عن نفسه الأشباح، ومنهم من أصبح ساكنًا كأنما تجمدت دماؤه من هول الفجيعة.
وما زاد الطين بلة أن آلافًا منهم قد صاروا بلا أبٍ يحميهم ولا أمٍّ تضمهم، وقد أُلقي بهم في مخيمات لا ماء فيها يروي عطشهم ولا طعام يسد جوعهم. خيامٌ هزيلة تهددها الرياح، ومعاناة متراكمة تفتك بهم كما تفعل الأوبئة التي تنتشر بينهم.
ألم يحِن الوقت أيها العالم أن تنهض لنجدتهم؟ ألم يئن أوان إنقاذ الطفولة من براثن الموت والهلاك؟ أين الضمير الذي يفترض أن يتحرك أمام مشهد أكثر من 17 ألف طفلٍ قد ارتقوا شهداء في هذا العدوان الظالم؟
والله إن هذه الكارثة لتشهد على ضعف البشر أمام جبروت العدوان، ولكنها أيضًا صرخة مدوية، تنادي في العالمين أن تحركوا، أن أغيثوا غزة وأطفالها، فإن لم تفعلوا، فاعلموا أن التاريخ لا يرحم، وأن الله يمهل ولا يهمل.
“أما آن للطفولة أن تسترد حقها في الحياة الكريمة، وأما آن للعالم أن يستفيق من سباته؟”
اترك تعليقاً