أفضلية الأنبياء: دلائل من السنة النبوية والعقل

أفضلية الأنبياء: دلائل من السنة النبوية والعقل

أفضلية الأنبياء: دلائل من السنة النبوية والعقل

يُعدّ النبيون -عليهم الصلاة والسلام- أفضل الخلق بلا شك، وهذا ما تؤكده السنة النبوية الشريفة، بالإضافة إلى ما يقتضيه العقل السليم. سنستعرض في هذا المقال الأدلة من كلا المصدرين لتوضيح هذه الحقيقة الجليّة.

دلائل من السنة النبوية على أفضلية الأنبياء

تُشير العديد من الأحاديث النبوية الشريفة إلى تفوق الأنبياء على سائر البشر، من أبرز هذه الأدلة:

  • حديث البلاء: روى الترمذي وأحمد حديثًا عن النبي ﷺ، قال فيه: "لَما سُئل عن أشد الناس بلاءً، قال: (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)".[1] يُشير هذا الحديث بوضوح إلى أن الأنبياء هم أشد الناس بلاءً، وهو دليل على مكانتهم العالية وتفضيلهم.

  • حديث سيدَيْ كهول أهل الجنة: روى الترمذي وابن ماجه حديثًا عن النبي ﷺ، قال فيه: "(هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين)".[2] يُبرز هذا الحديث تفوق الأنبياء على سائر البشر، حتى على أفضل الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

  • اختيار الصحابة: يوجد حديثٌ يُشير إلى أن الله اختار الصحابة على العالمين، باستثناء الأنبياء والمرسلين.[3] وهذا دليلٌ آخر على مكانة الأنبياء العالية.

  • فضل أبي بكر الصديق: استدلّ ابن تيمية -رحمه الله- بحديثٍ يُشير إلى أنه لم تشرق الشمس أو تغرب على أحدٍ أفضل من أبي بكر الصديق، باستثناء النبيين والمرسلين.[4] وهذا يُؤكد مجدداً على تفوق الأنبياء.

  • الإجماع على أفضلية الأنبياء: أجمع سلف الأمة وأئمتها على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء، كما نصّ على ذلك ابن تيمية -رحمه الله-. [5] وقد بيّن أن الأنبياء هم أفضل الخلق باتفاق المسلمين، يليهم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون. [6] كما أكد أن تفضيل أي فرقة غير النبي على النبي مخالفٌ لإجماع الأمة. [7]

دلالة العقل على أفضلية الأنبياء

لا تقتصر الأدلة على السنة النبوية فقط، بل يُؤكد العقل السليم أيضاً على أفضلية الأنبياء. فهم:

  • رسل الله: الأنبياء هم رسل الله، والواسطة بينه وبين خلقه، مكلفون بتبليغ شرعه ومراده. وشرف الرسول مرتبطٌ بشرف المرسل وشرف الرسالة.

  • الاختيار الإلهي: اصطفى الله الأنبياء واختارهم واجتباهم من بين خلقه، وهذا الاختيار لا يكون إلا لأكرمهم وأفضلهم وأكملهم لديه. كما بيّن ابن القيم -رحمه الله- أن الله خصّهم بوحيه وجعلهم أُمناء على رسالته وواسطة بينه وبين عباده، وخصّهم بأنواع كراماته. [8]

  • تحقيق العبودية: أعلى منازل الخلق هي تحقيق العبودية لله عز وجل، والأنبياء حققوا هذه العبودية على أكمل وجه، فهم عباد الله المخلصون الذين عصمهم الله عن كثير من السيئات، كما هو واضح في القرآن الكريم. [الحجر: 39-40، ص: 82، يوسف: 24] وقد وصف الله -سبحانه وتعالى- العديد من الأنبياء بالعبودية المخلصة، كإبراهيم وإسحاق ويعقوب، ودَاوُود وسليمان وأيوب ونوح -عليهم السلام- [ص: 45-47، ص: 17، ص: 30، ص: 44، الإسراء: 30]. كما وصف النبي محمد ﷺ -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- بالعبودية في مواضع متعددة في القرآن الكريم [الإسراء: 1، الجن: 9، النجم: 10].

  • مثال النبي محمد ﷺ: كان النبي ﷺ يحرص على العبادة حتى تورّمت قدماه، وهو دليلٌ على إخلاصه وكمال عبوديته لله. [9]

خاتمة: أفضلية الأنبياء من خلال اختيار إلهي وكمال عبودية

يتضح من خلال الأدلة السابقة، أن أفضلية الأنبياء على سائر البشر أمرٌ ثابتٌ في السنة النبوية، ومؤكدٌ بالعقل السليم. فهم خيار أقوامهم قبل نبوتهم، وقد عصمهم الله عن كثيرٍ من الذنوب والعيوب، ثم اختارهم واصطفاهم لنبوةٍ، زادتهم فضلاً على فضلهم السابق. وبذلك، جمع الله لهم الفضل من جميع جوانبه، فلا يبلغ أحدٌ منزلتهم.

[1] رواه الترمذي وقال حسن صحيح ورواه أحمد في المسند وصححه أحمد شاكر.
[2] رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
[3] رواه البزار كما في مجمه الزوائد، وقال: رجاله ثقات، وصححه الإشبيلي في الأحكام الصغرى (905).
[4] ورواه أحمد في المسند وابن أبي عاصم في السنة.
[5] مجموع فتاوى ابن تيمية (11 /221).
[6] منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية (2 /417).
[7] مجموع فتاوى ابن تيمية (11 /364) .
[8] طريق الهجرتين وباب السعادتين؛ للعلامة ابن قيم الجوزية – (350) .
[9] رواه البخاري ومسلم.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *