أوروبا على صفيح ساخن: يوم النصر بين مطرقة روسيا وسندان أزمة الناتو وتأثير ترامب

أوروبا على صفيح ساخن: يوم النصر بين مطرقة روسيا وسندان أزمة الناتو وتأثير ترامب

في الوقت الذي تحتفل فيه أوروبا بذكرى "يوم النصر" على النازية، يلوح في الأفق شبح صراعات جديدة تهدد استقرار القارة، في ظل الحرب الأوكرانية المستمرة وتغير التحالفات الدولية. فما هي التحديات التي تواجهها أوروبا، وكيف تستعد لمواجهة مستقبل جيوسياسي غير مؤكد؟

احتفالات رمزية وتحديات واقعية

تحتفل العواصم الأوروبية بيوم 8 مايو ذكرى انتصار الحلفاء على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. ففي باريس، يقود الرئيس ماكرون الاحتفالات بوضع إكليل الزهور على قبر الجندي المجهول، بينما يستعد بوتين في موسكو لاستعراض قوته العسكرية واستقبال قادة العالم، في رسالة تهدف إلى إظهار الدعم الدولي لروسيا.

لكن وراء هذه الاحتفالات، تكمن حقائق جيوسياسية معقدة، أبرزها:

  • تراجع النفوذ الأوروبي: الحرب العالمية الثانية أنهت الدور القيادي للدول الأوروبية في تشكيل الأحداث العالمية، وظهور قوتين عظيمتين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
  • الاعتماد على الحماية الأمريكية: تعتمد أوروبا بشكل كبير على الدعم العسكري الأمريكي، وتخشى من تزايد قوة روسيا، مما يمنعها من اتخاذ مواقف مستقلة.
  • تأثير السياسات الأمريكية: يثير احتمال عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية مخاوف أوروبية بشأن مستقبل الدعم الأمريكي لحلف الناتو وأمن القارة.

الناتو في مهب الريح؟

تتزايد المخاوف بشأن مستقبل حلف الناتو، في ظل تراجع الالتزام الأمريكي المحتمل وتصاعد المطالبات بزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي. فهل يتلاشى دور الحلف، أم يتحول إلى منظمة أوروبية بشكل أكبر؟

  • مطالب ترامب المبالغ فيها: يطالب ترامب الدول الأوروبية باستثمار 5% من ناتجها المحلي الإجمالي في الدفاع، وهو ما تعتبره العديد من الدول الأوروبية مبالغًا فيه وغير واقعي.
  • تضاؤل الالتزام الأمريكي: يرى بعض المحللين أن تراجع الالتزام الأمريكي يهدد بتقويض أهمية حلف الناتو، ويطرح تساؤلات حول قدرة أوروبا على تعويض المساهمة الأمريكية.
  • احتمال تحول الناتو إلى حلف أوروبي: يرى البعض أن الناتو قد يتحول إلى منظمة أوروبية بشكل أكبر، مع زيادة مساهمة الدول الأوروبية في الدفاع عن القارة.

التهديد الروسي المتصاعد

تؤكد التقارير الاستخباراتية على ازدياد التهديد الروسي لأوروبا، مما دفع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو إلى إعادة تقييم أولوياتهم وتعزيز قدراتهم الدفاعية.

  • تغيير العقلية في بروكسل: أدى التهديد الروسي إلى تغيير في العقلية في بروكسل وأوروبا، حيث أصبح الدفاع من أهم أولويات المفوضية الأوروبية.
  • نظام عالمي غير مستقر: يشهد العالم نظامًا عالميًا متعدد الأطراف يتسم بعدم الاستقرار وتصاعد الصراع بين الديمقراطية والاستبداد.
  • الاستعداد لمواجهة التهديدات الهجينة: يركز الأمن التقليدي على مكافحة الهجمات التقليدية والهجينة، من أمن الطاقة إلى التضليل الإعلامي والتدخل في العمليات الانتخابية.

سيناريوهات مستقبلية

ما هي السيناريوهات المحتملة لمستقبل أوروبا في ظل هذه التحديات؟

  • تعزيز الركيزة الأوروبية للناتو: زيادة الاستثمار في الدفاع الأوروبي وضمان الأمن التقليدي لتغطية جميع الثغرات في الأنظمة الدفاعية.
  • تحول الناتو إلى منظمة أكثر تكافؤًا: انتقال الناتو من منظمة خاضعة للاستثمارات الدفاعية الأمريكية إلى منظمة أكثر تكافؤًا بين الأوروبيين والأمريكيين.
  • مواجهة روسيا بموقف متطرف: عدم استعداد روسيا للسلام أو بدء المفاوضات، وزيادة الإنفاق الدفاعي وتوسيع الجيش.

في الختام، تواجه أوروبا تحديات جسيمة تهدد استقرارها وأمنها. وبينما تحتفل بذكرى "يوم النصر"، يجب عليها الاستعداد لمواجهة مستقبل جيوسياسي غير مؤكد، وتعزيز وحدتها وقدراتها الدفاعية لمواجهة التهديدات المتزايدة.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *