إيتمار بن غفير: صعود التطرف في إسرائيل.. من التهديد إلى السلطة

إيتمار بن غفير: صعود التطرف في إسرائيل.. من التهديد إلى السلطة

في خريف عام 1995، هزت إسرائيل مظاهرات احتجاجية أعقبت توقيع اتفاقية أوسلو. وسط الحشود، برز شاب يحمل شارة سيارة رئيس الوزراء إسحاق رابين، مهددًا: "كما وصلنا إلى هذا الشعار، يمكن أن نصل إلى رابين". هذا الشاب، إيتمار بن غفير، أصبح اليوم شخصية سياسية مركزية في إسرائيل.

من هامش التطرف إلى قلب السياسة الإسرائيلية

بعد أسابيع قليلة من ذلك التهديد، اغتيل رابين. بن غفير لم يتوارَ، بل شارك في حملة للمطالبة بالإفراج عن القاتل. بعد ثلاثة عقود، كيف وصل هذا الشاب المتطرف إلى السلطة؟ وما هي الأيديولوجيات التي غذت صعوده؟

النشأة: خليط من التطرف الديني والقومي

ولد بن غفير في القدس عام 1976 لعائلة ذات أصول يهودية شرقية. والدته كانت ناشطة في عصابة الإيتسل، المسؤولة عن مذبحة دير ياسين. نشأته تزامنت مع احتجاجات اليهود الشرقيين ضد التمييز.

في سن الرابعة عشرة، انخرط بن غفير في مواجهة حركة "النساء بالسواد" المناهضة للاستيطان. لاحقًا، التقى بنوعام فيدرمان، والتحقا بحركة "كاخ" المتطرفة التي أسسها الحاخام مائير كاهانا، الذي دعا إلى طرد العرب من "أرض إسرائيل" وإقامة دولة دينية.

الأيديولوجيا: خليط من الكراهية والعنف

تأثر بن غفير بشعار الإيتسل، يد تحمل بندقية فوق خريطة "أرض إسرائيل" المزعومة. في منزله، علق صورة باروخ غولدشتاين، منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي. في عيد المساخر، ارتدى زي طبيب وحمل صورة غولدشتاين، واصفًا إياه بـ"بطله".

درس بن غفير القانون، لكنه مُنع من الانضمام إلى نقابة المحامين بسبب سجله الجنائي. ومع ذلك، دافع عن المستوطنين المتطرفين المتهمين بالعنف ضد الفلسطينيين.

الصعود السياسي: من "كاخ" إلى الكنيست

بعد حظر حركة "كاخ"، عاد أتباعها إلى العمل السياسي تحت مسميات مختلفة، وصولًا إلى حزب "العظمة اليهودية" الذي يرأسه بن غفير. بعد عدة محاولات فاشلة، تحالف مع حزب "الصهيونية الدينية" ودخل الكنيست عام 2022.

في السلطة: أجندة متطرفة وتسليح المجتمع

نجح بن غفير في انتزاع قرارات مثيرة للجدل، مثل إنشاء "حرس وطني" تحت إمرته. لعب دورًا في تمرير إصلاحات قضائية مثيرة للجدل. وقع اتفاقًا مع الليكود يمنحه نفوذًا واسعًا في ملفات الأمن والاستيطان والسجون.

يرتكز برنامجه الانتخابي على تصور إسرائيل كدولة يهودية فريدة، تعتمد الشريعة اليهودية مصدرًا للتشريع، وتمنح الحقوق لليهود فقط. يؤمن بن غفير بالقوة كأداة لتحقيق هذا التصور.

منذ توليه منصبه، أصدر بن غفير آلاف التراخيص لحمل السلاح، مما أدى إلى ارتفاع جرائم القتل. يسعى لتجنيد المتشددين في الشرطة والحرس الوطني.

التوراة كسلاح سياسي

يقدم بن غفير حزبه كممثل للتوراة، ويدعو إلى حرب شاملة ضد أعداء إسرائيل. عارض وقف إطلاق النار في غزة واستقال من الحكومة لفترة وجيزة.

"من أجل البهاء المكنون": رؤية جابوتنسكي وبن غفير

يتبنى بن غفير رؤية زئيف جابوتنسكي، مؤسس منظمة الإيتسل، التي ترى العالم بمنطق القوة. يدعم الاستيطان في الضفة الغربية ويعتبره "فريضة ودواء وخلاص".

الاستيطان: فريضة دينية وأداة سياسية

يدعم بن غفير تهجير الفلسطينيين من غزة وإعادة بناء المستوطنات التي أخليت عام 2005. احتفل بدخول آرييل شارون في غيبوبة بعد الانسحاب من غزة.

الذات اليهودية المقدسة: استباحة أرواح "الأغيار"

يرسخ بن غفير علو "الذات اليهودية" ويستبيح أرواح "الأغيار". شكر مستوطنًا قتل فلسطينيًا، وقال إن "حق اليهود في التنقل أهم من حرية تنقل العرب".

دولة الشريعة: حلم بن غفير

يهدف بن غفير إلى إقامة "دولة شريعة" يتغلغل فيها نفوذ المتطرفين في مؤسسات الدولة.

صراع الدولتين المتخيلتين

يستغل بن غفير أي أزمة داخلية لتعزيز شعبيته. وصل به الأمر إلى الاشتباك مع رئيس جهاز الشاباك. يعكس هذا الصراع معضلة إسرائيل: التناقض المتزايد بين الدولتين المتخيلتين، الدولة الديمقراطية والدولة الدينية.

مستقبل التطرف في إسرائيل

يثير صعود بن غفير أسئلة حول مستقبل أجهزة الدولة في إسرائيل وإمكانية فتح الأبواب أمام المتشددين. هل سيتمكن من تحويل إسرائيل إلى دولة دينية متطرفة؟

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *