إيران والمفاوضات النووية: هل تتجنب طهران الفخ الأميركي؟

إيران والمفاوضات النووية: هل تتجنب طهران الفخ الأميركي؟

تتصاعد التساؤلات حول مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، وسط ترقب حذر من الجانب الإيراني لما يعتبره "فخًا أميركيًا". فما هي آخر التطورات؟ وما هي العقبات التي تواجه إحياء الاتفاق النووي؟ وهل تتجه الأمور نحو التصعيد أم نحو تسوية؟

نافذة زمنية تنتهي: رسالة إيرانية واضحة

يبدو أن توقيت الجولة السادسة من المفاوضات، التي انعقدت بعد يومين من الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كمهلة لإيران، يحمل رسالة واضحة: طهران لن ترضخ للضغوط الأميركية. وبينما تحاول واشنطن خلق جو من التوتر، تسعى إيران للحفاظ على هدوئها وإظهار ثقتها بقدراتها الدفاعية، وتجنب تأجيج الوضع الداخلي.

إجماع إيراني على رفض "السيناريو الليبي"

في أروقة صنع القرار في طهران، يسود إجماع بين مختلف الأطياف السياسية والفكرية على ضرورة تجنب تكرار "السيناريو الليبي" في إيران، حتى لو كان ذلك يعني المواجهة. القيادة الإيرانية تفضل أن تسجل في التاريخ وقوفها في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل، بدلًا من الاستسلام وتكرار تجربة ليبيا المؤلمة.

  • البرنامج النووي: يُعد موضوع عدم الرضوخ للمطالب الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني من القضايا القليلة التي تحظى بإجماع سياسي واسع في إيران.
  • المعارضة: حتى المعارضة الإيرانية، غير الممولة من الخارج، تدعم رفض الإملاءات الأميركية والإسرائيلية، وعدم التخلي عما تعتبره إنجازات علمية ودفاعية.

المفاوضات الحقيقية تجري خلف الكواليس

على الرغم من التركيز الإعلامي على اللقاءات الرسمية بين كبار المسؤولين، فإن المفاوضات الأساسية تجري خلف الكواليس، عبر قنوات غير رسمية ووساطات. هذه المفاوضات السرية تمهد الطريق للقاءات الرسمية، حيث يتم تثبيت ما تم التوصل إليه بشكل غير رسمي.

التخبط الأميركي يعرقل التقدم

تكمن المشكلة الرئيسية في المفاوضات في التردد والتخبط في الموقف الأميركي. فبعد جولات من المباحثات وتبادل الرسائل، تم التوصل إلى صيغة أولية مرضية للطرفين: تخفيض إيران نسبة تخصيب اليورانيوم وتقديم ضمانات حول سلمية برنامجها النووي، مقابل رفع كامل للعقوبات الأميركية.

  • المطلب الأميركي: التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني.
  • المطلب الإيراني: رفع العقوبات بشكل دائم وتقديم ضمانات بعدم الانسحاب من الاتفاق أو إعادة فرض العقوبات.

لكن، بحسب مصادر مطلعة، قام الجانب الأميركي بتغيير رأيه أكثر من خمسين مرة خلال خمس جولات من المفاوضات، ولم يقدم مشروعًا واضحًا يوضح ما الذي ستقدمه الولايات المتحدة لإيران مقابل طلباتها، أو آلية رفع العقوبات وتأمين المطالب الإيرانية.

سيناريوهات محتملة: من كوريا الشمالية إلى المواجهة

تدرك الولايات المتحدة أن إيران لن تقبل بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل كامل داخل البلاد، وأنها حاضرة في المفاوضات بهدف رفع العقوبات فقط. التهديدات العسكرية لن تغير الموقف الإيراني، فالتهديدات مطروحة منذ عقود، ومع ذلك مضت إيران في تطوير برنامجها النووي.

  • الخيار العسكري: تدمير البرنامج النووي الإيراني يحتاج إلى عمليات عسكرية متعددة ومحفوفة بالمخاطر.
  • إعادة البناء: حتى في حال تدمير البرنامج النووي، يمكن لإيران إعادة بنائه بسرعة في أماكن سرية.
  • السيناريو الكوري الشمالي: قد تدفع السياسات الأميركية إيران إلى التوجه نحو تصنيع السلاح النووي، بدلًا من السيناريو الليبي.

المخاطر الجيوسياسية: الصين وروسيا على الخط

أي هجوم أميركي أو إسرائيلي على إيران قد يؤدي إلى تغيير العقيدة النووية الإيرانية. الصين ستكون سعيدة بدعم إيران لمواجهة الولايات المتحدة، وإدخالها في المستنقع الإيراني. روسيا لن تقبل بخسارة منفذها الوحيد المتبقي الآمن إلى البحار الدافئة، ولن تنزعج إذا غرقت الولايات المتحدة في المستنقع الإيراني.

أوروبا تزيد الطين بلة

دخول الأوروبيين على الخط عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتهديدهم بتفعيل "آلية الزناد" وإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، زاد من تعقيد الأمور. إيران باتت تُحضّر نفسها لاتخاذ إجراءات حادّة ضد هذه الخطوة، أقلّها زيادة حجم اليورانيوم المخصب بنِسَب عالية، وخفض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

المقترحات الإيرانية: حلول ممكنة أم تعقيدات جديدة؟

في ظل التخبط الأميركي، قدمت إيران مقترحات تهدف إلى إيجاد حلول وسط:

  • منشآت التخصيب: الإبقاء على منشآت تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، مع إنشاء منشآت تخصيب جديدة في مكان يتم الاتفاق عليه من قبل كونسورتيوم دولي.
  • تخفيض التخصيب: تخفيض حجم ونسبة التخصيب داخل منشآت إيران بالتوازي مع الكميات التي يتم تسليمها لها من قبل الكونسورتيوم.
  • اليورانيوم المخصب: الإبقاء على اليورانيوم المخصب بنِسَب عالية داخل البلاد، كضمان لتنفيذ الأميركي لتعهداته.

في المقابل، تطالب إيران بتقديم عروض مغرية، وأهمها توضيح كيفية رفع العقوبات، خاصة وأن الرئيس الأميركي لا يمكنه إلا رفع العقوبات الرئاسية، في حين يتطلب رفع باقي العقوبات قرارًا من الكونغرس.

هل تريد الولايات المتحدة الحرب أم السلام؟

مع استمرار المفاوضات، يبقى السؤال الأهم: هل تريد الولايات المتحدة الحرب أم السلام؟ الاتفاق ومشروع السلام باتا مطروحين على الطاولة، لكن التخوف الوحيد هو أن تحاول الإدارة الأميركية نقل مشاكلها الداخلية إلى الخارج.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *