اقتصاد الصين الغامض: وول ستريت تكشف عن اختفاء البيانات وتحديات فهم الواقع

اقتصاد الصين الغامض: وول ستريت تكشف عن اختفاء البيانات وتحديات فهم الواقع

مقدمة:

في تقرير حديث، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن صعوبات متزايدة تواجه المحللين والمستثمرين في فهم الوضع الاقتصادي الحقيقي للصين. يعود هذا التعقيد إلى ما وصفته الصحيفة بـ "الاختفاء التدريجي" للبيانات الرسمية التي كانت تعتبر ضرورية لتقييم أداء الاقتصاد الصيني.

تعتيم البيانات في وقت حرج:

يأتي هذا التعتيم الإعلامي في وقت بالغ الأهمية، حيث تواجه الصين تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك:

  • أزمة الديون المتفاقمة: تزايد المخاوف بشأن مستويات الديون المرتفعة في قطاعات مختلفة من الاقتصاد.
  • الانكماش العقاري: يواجه قطاع العقارات صعوبات جمة، مما يؤثر على النمو الاقتصادي بشكل عام.
  • تباطؤ النمو: يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً ملحوظاً في النمو، مما يثير تساؤلات حول استدامة النموذج الاقتصادي الحالي.

في ظل هذه التحديات، تتهم وول ستريت جورنال الحكومة الصينية بمحاولة السيطرة على السرد الاقتصادي من خلال تقييد الوصول إلى المعلومات.

اختفاء المؤشرات الاقتصادية الحيوية:

أشارت الصحيفة إلى أن السلطات الصينية توقفت عن نشر مئات المؤشرات الاقتصادية الهامة، بما في ذلك:

  • بيانات مبيعات الأراضي: معلومات حيوية لتقييم أداء قطاع العقارات والإيرادات الحكومية المحلية.
  • الاستثمار الأجنبي: مؤشر رئيسي لثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الصيني.
  • معدلات البطالة: بيانات أساسية لتقييم وضع سوق العمل.
  • مؤشرات غير متوقعة: حتى بيانات مثل إنتاج صلصة الصويا، التي كانت تستخدم كمؤشر بديل للنشاط الاقتصادي، لم تعد متاحة.
  • بيانات حساسة: توقف نشر بيانات تتعلق بحرق الجثث ومؤشر ثقة الأعمال، مما أثار المزيد من التساؤلات.

التشكيك في الأرقام الرسمية:

كانت هذه البيانات المختفية تستخدم على نطاق واسع من قبل الاقتصاديين لتقدير النمو الحقيقي للاقتصاد الصيني، خاصة في ظل التشكيك المتزايد في مصداقية أرقام الناتج المحلي الإجمالي الرسمية. بينما أعلنت الحكومة الصينية عن نمو بنسبة 5% لعام 2024، تشير تقديرات بديلة من مؤسسات مثل "غولدمان ساكس" إلى نمو أقرب إلى 3.7% أو حتى 2.4%.

تأثير غياب الشفافية على ثقة المستثمرين:

أكدت وول ستريت جورنال أن غياب الشفافية أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين. ففي أبريل/نيسان 2024، ومع تزايد المخاوف الاقتصادية، قام المستثمرون الأجانب بسحب أكثر من ملياري دولار من سوق الأسهم الصينية خلال أسبوعين فقط.

قيود على الوصول إلى البيانات:

بالإضافة إلى ذلك، فرضت الحكومة قيودًا على الوصول إلى بعض قواعد البيانات من خارج الصين، وقامت بعض المؤسسات بتقييد وصول المستخدمين الدوليين إلى بيانات معينة. وقد اضطر بعض الاقتصاديين إلى السفر شخصيًا إلى الصين لتحميل المعلومات.

قطاع العقارات كمثال:

يُعد قطاع العقارات مثالاً صارخاً على التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني. فبعد أن كان محركاً للنمو، شهد هذا القطاع انهياراً واسع النطاق منذ عام 2021 بسبب القيود على الإقراض. تقرير صيني أشار إلى وجود فائض ضخم في المعروض السكني، لكن تم سحب التقرير لاحقًا. كما اختفت البيانات الرسمية حول مبيعات الأراضي.

خلاصة:

ترى وول ستريت جورنال أن "اختفاء البيانات" ليس مجرد مسألة فنية، بل يعكس نهجًا سياسيًا يهدف إلى ضبط الصورة العامة للاقتصاد، حتى على حساب الشفافية. وتختتم الصحيفة بأن هذا الأمر يثير قلقاً عالمياً، خاصة في ظل المنافسة المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، واعتماد الأسواق العالمية على معلومات دقيقة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *