الاقتصاد الألماني: تفادي الركود بصعوبة، سوق العمل يعاني، والتضخم يهدد خطط المركزي الأوروبي

الاقتصاد الألماني: تفادي الركود بصعوبة، سوق العمل يعاني، والتضخم يهدد خطط المركزي الأوروبي

الاقتصاد الألماني ينجو من الركود في الربع الأول بفضل الاستهلاك، لكن التحديات ما زالت قائمة

أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني بصيص أمل في الأداء الاقتصادي، حيث سجل الاقتصاد نموًا طفيفًا بنسبة 0.2% خلال الربع الأول من العام الجاري. هذا النمو، وإن كان متواضعًا، يمثل انتصارًا صغيرًا للاقتصاد الألماني، حيث تفادى الوقوع في براثن الركود بفضل انتعاش ملحوظ في الاستهلاك والاستثمار الخاص.

بصيص أمل بعد فترة من الانكماش

يأتي هذا النمو بعد انكماش بنسبة 0.2% في الربع الأخير من عام 2024، مما يجعل تجنب الركود أكثر أهمية. فلو تكرر الانكماش في الربع الأول، لكان ذلك بمثابة تأكيد على دخول الاقتصاد الألماني في مرحلة ركود تقني.

سوق العمل يواجه صعوبات متزايدة

على الرغم من الأخبار الإيجابية المتعلقة بالنمو الاقتصادي، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الألماني، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل. فقد أشار مكتب العمل إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل خلال شهر أبريل/نيسان بمقدار 4 آلاف شخص بعد التعديل الموسمي، ليصل إجمالي العاطلين إلى 2.92 مليون شخص.

  • ارتفاع معدل البطالة: وصل معدل البطالة إلى 6.3%، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر/كانون الأول 2015 (باستثناء فترة جائحة كوفيد-19).
  • اقتراب من حاجز 3 ملايين عاطل: يقترب عدد العاطلين عن العمل من حاجز 3 ملايين شخص للمرة الأولى منذ عقد من الزمان، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل سوق العمل الألماني.

التضخم يتراجع، لكن التضخم الأساسي يثير القلق

في سياق منفصل، أفاد مكتب الإحصاء الاتحادي بتراجع معدل التضخم السنوي إلى 2.1% في أبريل/نيسان، منخفضًا من 2.2% في مارس/آذار. هذا التراجع يعزز احتمالات لجوء البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة في يونيو/تموز، وهو ما قد يساعد في دعم النمو الاقتصادي.

ومع ذلك، فإن الصورة ليست وردية تمامًا. فقد ارتفع التضخم الأساسي -الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء- إلى 2.9%، مما قد يعقد قرار المركزي الأوروبي بشأن التيسير النقدي.

تفاصيل حول أسعار الطاقة والغذاء

  • أسعار الطاقة: تراجعت بنسبة 5.4% مقارنة بأبريل/نيسان من العام الماضي، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى انخفاض أسعار النفط على خلفية النزاع الجمركي العالمي.
  • أسعار المواد الغذائية: ارتفعت بنسبة 2.8%، إلا أن وتيرة ارتفاعها تباطأت نسبيًا.

خبراء يحذرون من التفاؤل المفرط

على الرغم من النمو الطفيف، يحذر خبراء الاقتصاد من التفاؤل المفرط. يقول يورغ كرامر، كبير الاقتصاديين لدى "كوميرز بنك"، إن نسبة النمو المسجلة "يجب ألا تخفي حقيقة أن الاقتصاد الألماني لا يزال بعيدًا عن انتعاش قوي ومستدام".

السياسات الحمائية تلقي بظلالها

يضيف كرامر أن السياسة الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تشمل حزم رسوم جديدة، تلقي بظلالها على اقتصاد ألمانيا الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات.

توقعات قاتمة من المركزي الألماني

كانت توقعات المركزي الألماني قد أشارت إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد يبقى في حالة ركود خلال هذا العام، لتصبح ألمانيا العضو الوحيد في مجموعة السبع الذي يسجل انكماشًا على مدى 3 أعوام متتالية.

نظرة مستقبلية غير واضحة

باختصار، وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم، لا تزال آفاق النمو الاقتصادي بألمانيا غير واضحة، وسط ارتفاع أسعار التوظيف وضعف الطلب العالمي، فضلاً عن السياسات الأميركية الحمائية المتزايدة التي تهدد التجارة الدولية. يجب على صانعي السياسات الألمان العمل بجد لمعالجة هذه التحديات وتعزيز النمو المستدام.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *