التكافل الاجتماعي في الإسلام: ركيزة أساسية لبناء مجتمع مترابط ومتماسك

التكافل الاجتماعي في الإسلام: ركيزة أساسية لبناء مجتمع مترابط ومتماسك

التكافل الاجتماعي في الإسلام: ركيزة أساسية لبناء مجتمع مترابط ومتماسك

يُعدّ التكافل الاجتماعي ركيزةً أساسيةً في الإسلام، حيث يدعو إلى التعاون والتآزر بين أفراد المجتمع، ليكونوا كالبنيان المرصوص، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (رواه البخاري ومسلم). ويُشبه هذا الترابط بجسدٍ واحد، إذا اشتكى عضوٌ منه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، كما جاء في حديث آخر: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه البخاري ومسلم).

أبعاد التكافل الاجتماعي في الإسلام

لا يقتصر التكافل في الإسلام على الجانب المادي فقط، وإن كان ذلك ركناً أساسياً فيه، بل يتعداه إلى جميع جوانب الحياة، سواءً كانت مادية أو معنوية أو فكرية. فهو يشمل جميع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة الإسلامية، ويعكس روح الإخاء والتضامن والتعاون على البر والتقوى. كما يتجاوز هذا التكافل حدود المسلمين ليضم جميع بني الإنسان، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ﴾ [الممتحنة:8]. ويُؤكد هذا المبدأ على كرامة الإنسان، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ﴾ [الإسراء: 70].

التعاون على البر والتقوى

يُحثّ الإسلام على التعاون على البر والتقوى، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ﴾ [المائدة: 2]. وقد فسّر القرطبي هذا الآية بأنها أمرٌ لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى، أي أن يُعين بعضهم بعضاً. وقد أضاف الماوردي أن في التقوى رضا الله تعالى، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضاهما فقد تمت سعادته وعمّت نعمته.

الزكاة: ركن أساسي في التكافل

تُعدّ الزكاة ركناً أساسياً في نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام، فهي فريضةٌ إسلاميةٌ تُطهر نفس المزكي وتُزكّيه، وتُغطي حاجات الفقراء والمحتاجين. وقد حددت آيات قرآنيةٌ من يستحقون الزكاة، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ﴾ [التوبة: 60]. كما أن الزكاة تُزيل الحقد والضغينة من نفوس الفقراء، وتُوجد جوًّا من الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.

مسؤولية ولي الأمر

يُجيز الشارع لولي الأمر أن يأخذ من أموال الأغنياء ما يكفي حاجات الفقراء، وذلك بناءً على قدرة كلٍّ منهم. ولا يجوز في مجتمع مسلم أن يبيت بعضهم شبعاناً وجاره جائعاً، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" (رواه الحاكم والطبراني). وقد أوضح ابن حزم ضرورة قيام الأغنياء بفقرائهم، وإن لم تكف الزكاة عنهم.

أحاديث نبوية تُبرز أهمية التكافل

تُبرز العديد من الأحاديث النبوية الشريفة أهمية التكافل الاجتماعي، ومنها حديث الأشعريين الذين جمعوا ما لديهم من طعام وقسموه بينهم بالتساوي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم مني وأنا منهم". كما جاء في حديث آخر: "المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". (رواه البخاري ومسلم).

التكافل الاجتماعي: واجب ديني وأخلاقي

يُعدّ التكافل الاجتماعي واجباً دينياً وأخلاقياً، ويشمل تقديم العون والنصرة والمواساة للمحتاجين، حتى تُقضى حاجتهم ويزول همّهم. وقد شرّع الفقهاء قطع الصلاة لإغاثة ملهوف أو غريق أو من وقع في حريق، وذلك يدل على أهمية التكافل وضرورة التعاون على إزالة الضرر عن الآخرين. إن التكافل الاجتماعي دعامةٌ أساسيةٌ لبناء مجتمع إسلامي مترابط ومتماسك، يُحكمه التعاون والتآزر والمشاركة في تحمل المسؤولية.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *