سوء الخاتمة: جرس إنذار يقرع في قلوب المؤمنين
لطالما حذرنا ديننا الحنيف من مغبة الانغماس في الشهوات المحرمة، ليس فقط لما فيها من مخالفة لأوامر الله، بل لما لها من تأثير مدمر على قلوبنا وأرواحنا، وقد يصل الأمر إلى سوء الخاتمة، تلك النهاية المأساوية التي كان يخشاها السلف الصالح أشد الخشية.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها». هذا الحديث يوضح لنا أن الانحراف عن طريق الحق والانغماس في المعاصي قد يؤدي إلى نهاية مؤسفة، حيث يختم الله على قلب العاصي فلا يوفق للتوبة والرجوع إلى الله قبل الموت.
خوف السلف الصالح من سوء الخاتمة: عبرة للأجيال
كان السلف الصالح يعيشون هاجس سوء الخاتمة، ويجتهدون في الطاعات ويراقبون أنفسهم خشية الوقوع في المعاصي. يروى أن سفيان الثوري بكى ليلة كاملة، وعندما سئل عن سبب بكائه، أجاب: "الذنوب أهون! إنما أبكي خوفاً من الخاتمة". هذا الخوف لم يكن نابعاً من مجرد ارتكاب الذنوب، بل من خشية أن تستحوذ هذه الذنوب على قلوبهم وتسيطر على أفكارهم، فتمنعهم من التوبة النصوح قبل الموت.
الشهوات المحرمة: بذور الشر التي تنمو في القلب
إن التعلق بالشهوات المحرمة واستيلاؤها على القلب يعتبر من أكبر أسباب سوء الخاتمة. فالقلب الذي يمتلئ بالمعاصي يصبح عرضة لأن يختم عليه بالضلال. هذه الشهوات التي تشغل بال الإنسان وتنغص عليه حياته، ستظهر حتماً في لحظات الاحتضار، وستطفو على السطح عندما تخور القوى وتضعف القدرة على التحكم بالنفس.
قصص مؤلمة: عبرة لمن يعتبر
قصة العاشق الهائم
يروى أن رجلاً عشق فتى عشقاً شديداً، حتى تمكن حبه من قلبه وأضناه المرض. وعندما حضرته الوفاة، تمنى رؤية معشوقه، وعندما لم يستطع، بدأ يتمتم بأبيات شعرية تعبر عن حبه وتعلقه به، بل وصل به الأمر إلى تفضيل رضاه على رحمة الله! وما أن انتهى من هذه الأبيات الشركية حتى فارق الحياة، دون أن ينطق بالشهادة.
قصة الفتاة وحمام منجاب
ويروى أن رجلاً كان واقفاً أمام داره، فمرت به فتاة تسأل عن الطريق إلى حمام منجاب. فأغواه الشيطان وأشار إلى داره، فدخلت الفتاة المسكينة وهي لا تدري ما الأمر. وعندما أدركت الفتاة ما يريده الرجل، تظاهرت بالسرور وطلبت منه إحضار الطعام، فخرج الرجل وترك الباب مفتوحاً، فتمكنت الفتاة من الهرب. وبعد ذلك، هام الرجل بالفتاة وأكثر من ذكرها، حتى حضرته الوفاة، فكان آخر كلامه من الدنيا: "يا رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجاب"، ولم ينطق بالشهادة.
هذه القصص المؤلمة تجسد لنا خطورة الاستسلام للشهوات المحرمة، وكيف يمكن أن تقود الإنسان إلى سوء الخاتمة.
الخلاص من براثن الشهوات: طريق النجاة
إن النجاة من سوء الخاتمة تتطلب منا جهداً مضاعفاً في تطهير قلوبنا من الشهوات المحرمة، والاجتهاد في الطاعات، والإكثار من ذكر الله، والتوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي. فلنجعل الخوف من سوء الخاتمة دافعاً لنا للاستقامة والبعد عن كل ما يغضب الله، حتى نلقاه بقلب سليم.
اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك. آمين.
اترك تعليقاً