الشهوة: نعمة أم نقمة؟ كيف نروضها لتحقيق السعادة والنجاح


مقدمة: صراع دائم وميدان واسع

الحياة رحلة مليئة بالتحديات والفتن، وأحد أبرز هذه التحديات هو الصراع مع الشهوات. هذا الصراع ليس مجرد معركة عابرة، بل هو ميدان واسع تتجلى فيه قوة الإرادة وضرورة المجاهدة. إنها مواجهة الإنسان لغرائزه الكامنة في أعماق نفسه، معركة يخسر فيها الكثيرون، وينجو منها القليل.

مكاسب المنتصر في معركة الشهوات

الانتصار في هذه المعركة يجلب فوائد جمة، تشمل:

  • إقامة المروءة وصون العرض: الحفاظ على القيم والأخلاق الحميدة.
  • حفظ الجاه وراحة البدن: احترام الذات والتمتع بصحة جيدة.
  • قوة القلب وطيب النفس: الشعور بالثقة والرضا الداخلي.
  • إقامة الفؤاد على الدين وانشراح الصدر: الثبات على الإيمان والسكينة الروحية.
  • قلة الهم والغم والحزن: التخلص من المشاعر السلبية.
  • عز المكانة ونضرة الوجه: الاحترام والتقدير من الآخرين.
  • مهابة في قلوب العباد وزوال الوحشة: التأثير الإيجابي على المحيط الاجتماعي.
  • قرب الملائكة وبعد الشياطين: الحماية الإلهية والسلامة من الشرور.
  • ذوق حلاوة الطاعة وطعم حلاوة الإيمان: الاستمتاع بالعبادة والإيمان العميق.
  • زيادة في العقل والفهم: الحكمة والبصيرة.

بالإضافة إلى هذه الفضائل الدنيوية، ينتظر المنتصر في الآخرة جزاء عظيم.

تحذيرات السلف من خطر الشهوات

لقد حذرنا سلفنا الصالح من خطورة الانغماس في الشهوات، مؤكدين على عواقبها الوخيمة:

  • يحيى بن معاذ: "من أرضى الجوارح باللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات".
  • عبد الصمد: "من لم يعلم أن الشهوات فخوخ فهو لعاب".
  • ابن القيم: أكد على أن طريق الآخرة وعرة بسبب مخالفة الشهوات، وأن قلة العلم هي سبب الزهد فيها والاستسلام لمركب الشهوة والهوى.

الشهوات في القرآن والسنة: تنبيه وتحذير

لقد نبهنا الله تعالى وحذرنا من خطر الشهوات في القرآن الكريم والسنة النبوية:

  • القرآن الكريم: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران:١٤].
  • السنة النبوية: ( «ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء» ) و ( «اتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» ).

حكمة الله في خلق الشهوات

يثور سؤال هام: لماذا خلق الله الشهوات؟ وما الحكمة من وجودها؟

يجيب شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الله خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا. فشهوة الأكل ضرورية لبقاء الجسد، وشهوة النكاح ضرورية لبقاء النسل.

كيف نستخدم الشهوات بشكل صحيح؟

إذا استخدمنا هذه القوى فيما أمرنا به الله، كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة. أما إذا استعملنا الشهوات فيما حظره علينا، كنا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته.

الشهوة والعقل: توازن ضروري

يؤكد ابن القيم على أن الله جعل في النفس بواعث ومستحثات تدفعها إلى ما فيه قوامها وبقاؤها ومصلحتها. ولو لم توجد الشهوة، لما كان هناك زواج وأولاد وبقاء للنسل البشري.

ويختم بالقول بأن الله جعل فينا أمرين: الشهوة والعقل. الشهوة لهذه الحكم، والعقل ليتحكم في الشهوة، ويصرفها فيما أراد الله.

الخلاصة: الشهوة سلاح ذو حدين

إذن، الشهوة ليست شرًا مطلقًا، بل هي نعمة من نعم الله إذا استخدمت في طاعته. ولكنها تتحول إلى نقمة إذا تجاوزت الحدود وانحرفت عن طريق الحق. فالحكمة تقتضي أن نروض شهواتنا ونسخرها لتحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *