مع رحيل البابا فرنسيس، تعود قضية دور المرأة في الكنيسة الكاثوليكية إلى الواجهة، لتصبح واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البابا الجديد. فهل سيستمر البابا القادم في مسيرة الإصلاح التي بدأها فرنسيس، أم سيتراجع عنها؟ هذا ما يترقبه الملايين حول العالم، خاصة النساء اللاتي يطالبن بدور أكبر ومؤثر في الكنيسة.
إرث فرنسيس: خطوات جريئة أم تغييرات شكلية؟
خلال فترة ولايته، اتخذ البابا فرنسيس خطوات تعتبر تاريخية نحو تمكين المرأة في الكنيسة، منها:
- منح النساء حق التصويت: السماح للنساء بالتصويت في "سينودس الأساقفة" حول القضايا المتعلقة بالكنيسة.
- تعيينات رفيعة المستوى: تعيين نساء في مناصب قيادية بارزة، مثل مديرة متاحف الفاتيكان ورئيسة لدولة الفاتيكان ورئيسة لمكتب بالفاتيكان يشرف على الرهبانيات.
- زيادة تمثيل المرأة: ارتفاع نسبة النساء العاملات في الكنيسة من 19% إلى 23.4%.
ومع ذلك، يرى البعض أن هذه التغييرات لا تزال غير كافية، وأنها لم تمس جوهر القضية، ألا وهي رسامة النساء.
قضية الرسامة: جدل مستمر
تظل قضية رسامة النساء، سواء كشمامسة أو كاهنات، نقطة خلافية حادة في الكنيسة الكاثوليكية.
- الشماسات: شكل البابا فرنسيس لجنتين لدراسة إمكانية رسامة النساء كشمامسة، لكنهما لم تصلا إلى نتيجة حاسمة. وفي عام 2024، أبدى البابا رفضًا قاطعًا لرسامة النساء شمامسة، لكنه عاد ووقع على وثيقة سينودس تشير إلى أن القضية يجب أن تظل "مفتوحة".
- الكاهنات: يحظر البابا يوحنا بولس الثاني رسامة النساء ككاهنات، وهو حظر تم تأكيده مرارًا وتكرارًا.
أصوات معارضة: بين الحرس القديم والواقع المتغير
لا يزال هناك معارضة قوية لتوسيع دور المرأة في الكنيسة، خاصة من قبل الحرس القديم الذي يرى في ذلك تهديدًا لتقاليد الكنيسة وهيكلها الهرمي.
- انتقادات لتغييرات فرنسيس: يرى البعض أن تعيين أشخاص غير إكليروس في مناصب عليا يخلق "فوضى" في الكنيسة ويخالف طبيعتها الكنسية.
- تأكيد على الأدوار التقليدية: ترى بعض الراهبات أن لكل شخص دوره، وأن النساء سعيدات بالبقاء في مكانهن خارج التسلسل الهرمي للكنيسة.
ومع ذلك، لا يمكن للكنيسة أن تتجاهل الواقع المتغير، حيث تدير النساء بالفعل العديد من المجالات في الكنيسة حول العالم، خاصة في ظل تناقص عدد الرجال الذين يدخلون سلك الكهنوت.
تحديات البابا الجديد: بين التقاليد والتحديث
يواجه البابا الجديد تحديًا كبيرًا في التعامل مع قضية المرأة في الكنيسة، حيث يجب عليه الموازنة بين الحفاظ على التقاليد الكاثوليكية والاستجابة لمتطلبات العصر.
- الوعي بضرورة المعالجة: هناك وعي متزايد بضرورة معالجة قضية المرأة في الكنيسة، لكن كيفية معالجتها لا تزال غير واضحة.
- الواقع المتغير: يجب على الكنيسة أن تواكب الواقع المتغير، حيث تلعب النساء دورًا متزايد الأهمية في حياة الكنيسة.
- مستقبل الكنيسة: قضية إدماج المرأة في الكنيسة هي مسألة حيوية لمستقبل المؤسسات الكاثوليكية ذاتها.
إلى أين تتجه الكنيسة؟
يبقى السؤال: هل سيختار الكرادلة بابا يكمل مسيرة فرنسيس نحو تمكين المرأة، أم سيعودون إلى النهج التقليدي؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الكنيسة الكاثوليكية ودور المرأة فيها.
اترك تعليقاً