تعظيم شعائر الله: دليل الحاج إلى حج مبرور وآمن**

مقدمة: جوهر تعظيم الله وشعائره

إن تعظيم الله تعالى يتجلى في احترام حرماته، والامتثال لأوامره ونواهيه، والتسليم لشريعته السمحة، والوقوف عند حدوده التي شرعها. قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}. فشعائر الله هي كل ما أمر به من أمور الدين، وهي علامة على تقوى القلوب وخشيتها لله. ومن أعظم هذه الشعائر ما خصه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من تعظيم الشهر الحرام، والبلد الحرام، ومناسك الحج والعمرة.

الحج: شعيرة التوحيد وذكر الله

الحج شعيرة عظيمة شرعها الله لإقامة ذكره وتوحيده، وفيها من المنافع والحكم الدينية والدنيوية ما لا يخفى على ذي بصيرة. قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}. فالحج ليس مجرد رحلة، بل هو رحلة إيمانية تهدف إلى تطهير القلب وتقوية الصلة بالله.

مكة المكرمة: بلد الله الحرام

لقد خص الله تعالى مكة المكرمة من بين سائر البلاد فحرمها يوم خلق السموات والأرض، وأضافها سبحانه إليه تعظيمًا لشأنها وإجلالًا لمكانتها. قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. وتوعد الله من نوى الإخلال بأمن الحرم وهم بالمعصية فيه أن يذيقه العذاب الأليم. قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.

آداب الحج: سكينة ورفق وتوحيد

إن من تعظيم شعيرة الحج استشعار هيبة المشاعر بتحقيق توحيد الله وطاعته، والتحلي بآداب الحج من الرفق واللين والسكينة، والبعد عن الفسوق والجدال والخصام. قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

تطهير المشاعر: من الشرك والظلم

تعظيم المشاعر يكون باحترامها وتطهيرها من الإلحاد والظلم والمعتقدات الفاسدة. فلا مجال في المشاعر المقدسة للشعارات الطائفية أو السياسية، فقد جعلت هذه الشعائر لإقامة ذكر الله واستغفاره ودعائه. قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}.

الالتزام بالأنظمة: حفظ للحاج وتيسير له

من تعظيم المشاعر الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تضعها الدولة لتنظيم الحج وتيسيره، وفيها حفظ الحجاج وصحتهم وتيسير تنقلاتهم وما يمكنهم من أداء مناسكهم بسكينة وسلامة. ومن ذلك الالتزام باستخراج تصريح الحج، فهذه الأنظمة والتعليمات ما قررت إلا لمصلحة الحج والحجيج.

طاعة ولي الأمر: في المعروف

إن التحايل على أنظمة الحج والذهاب بدون تصريح فيه مخالفة ظاهرة لولي الأمر، فإن الشارع الحكيم أمر بطاعة ولاة الأمور في المعروف. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.

نصيحة للحجاج: التزام وتعاون

الوصية للحجاج والزوار الالتزام باستخراج التصاريح اللازمة والتعاون مع الجهات المعنية، فالالتزام بذلك يدفع – بحول الله – أضرارًا كبيرة ومخاطر متعددة منها التأثير على سلامة الحجاج وعلى جودة الخدمات المقدمة لهم وعلى خطط تنقلاتهم بين المشاعر، ناهيكم عن الضرر المتعدي بإيذاء الحجاج بالافتراش والتسبب بالزحام والتدافع. وفي الحديث: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».

خاتمة: تقوى الله وحسن التعامل

اتقوا الله – عباد الله – واحرصوا على تعظيم المشاعر والشعائر بالسكينة والطمأنينة في أداء المناسك وعدم أذية المسلمين. قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}. واحرصوا – رحمكم الله – على الأخذ بالنصائح والتوصيات في حجكم وأداء مناسككم على علم وبصيرة، وتعاونوا مع ولاة أمركم والقائمين على شؤون الحج حتى يظهر موسم الحج بأبهى صورة وأجمل رسالة تبرز معاني الحج من العبادة والتوحيد والوحدة والنظام والامتثال، كما أراد الله لأمة الإسلام أن تكون أمة وسطًا، وخير أمة أخرجت للناس.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *